صفحة جزء
[ ص: 90 ] باب حكم قضاء الصوم وغيره وما يتعلق بذلك

يستحب التتابع في قضاء رمضان ( و ) قال البخاري : قال ابن عباس : لا بأس أن يفرق ، لقول الله عز وجل { فعدة من أيام أخر } وعن ابن عمر مرفوعا { قضاء رمضان إن شاء فرق وإن شاء تابع } رواه الدارقطني وقال : لم يسنده غير سفيان بن بشر ، قال صاحب المحرر : لا نعلم أحدا طعن فيه ، والزيادة من الثقة مقبولة . وللدارقطني من رواية الواقدي وهو ضعيف عن عبد الله بن عمر : { وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قضاء رمضان قال : يقضيه تباعا وإن فرقه أجزأه } . وله أيضا وقال إسناد حسن عن ابن المنكدر مرسلا قال : { ذلك إليك ، أرأيت لو كان على أحدكم دين فقضى الدرهم والدرهمين ألم يكن قضاء ؟ فالله أحق أن يعفو ويغفر } .

وخبر أبي هريرة { فليسرده ولا يقطعه } رواه ابن المنذر والدارقطني من رواية عبد الرحمن بن إبراهيم القاص ، ضعفه ابن معين والدارقطني ، وقواه أحمد وغيره ، فإن صح فللاستحباب ، وقول عائشة نزلت ( فعدة من أيام أخر متتابعات ) فسقطت ( متتابعات ) رواه الدارقطني وقال : إسناد صحيح يصلح لسقوط الحكم والتلاوة ، فيحمل عليهما ، ولأنه وقت موسع له كصوم المسافر أداء ، وإنما لزم التتابع فيه في صوم مقيم لا عذر له للفور ، وتعيين الوقت لا لوجوب التتابع في نفسه ، فنظيره لو لم يبق من شعبان إلا ما يتسع له ، وفي التتابع خروج من الخلاف ، وهو أنجز لبراءة الذمة ، وأشبه بالأداء ، فكان [ ص: 91 ] أولى ، وذكر القاضي في الخلاف في الزكاة على الفور : أن قضاء رمضان على الفور ، واحتج بنصه في الكفارة ، ويجوز أن يقال : القضاء على التراخي ، واحتج بنصه فيه ، كذا ذكر .

وقال صاحب المحرر : يجوز تأخير قضاء رمضان بلا عذر ما لم يدرك رمضان ثان ، ولا نعلم فيه خلافا ، وعند أكثر الشافعية : إن أفطر بسبب محرم حرم التأخير ، قال في التهذيب لهم : حتى بعذر السفر ، وأوجب داود المبادرة في أول يوم بعد العيد ، وهل يجب العزم على فعله ؟ يتوجه الخلاف في الصلاة ولهذا قال ابن عقيل في الفصول . في الصلاة : لا ينتفي إلا بشرط العزم على الفعل في ثاني الوقت ، قال : وكذا كل عبادة متراخية ، قال في مسلم : الصحيح عند محققي الفقهاء وأهل الأصول فيه وفي كل واجب موسع إنما يجوز تأخيره بشرط العزم على فعله ، وعن علي وابن عمر وعروة والحسن والشعبي والنخعي : يجب التتابع ، وكذا قال داود [ ص: 92 ] والظاهرية : يجب ولا يشترط للصحة كأدائه ، وأجاز جماعة من الصحابة وغيرهم الأمرين ، قال الطحطاوي : لا فضل للتتابع على التفريق ، لأنه لو أفطر يوما من رمضان يقضيه بيوم ولا يستحب له قضاء شهر .


[ ص: 91 ] باب حكم قضاء الصوم

( تنبيه ) قوله و هل يجب العزم على فعله يعني فعل الصوم يتوجه الخلاف في الصلاة ، انتهى ، يعني هل يجب العزم على فعل الصوم المقضي قبل الدخول فيه أو لا يجب ؟ يتوجه أنه كالعزم على الصلاة إذا دخل وقتها قبل فعلها ، وفيه في الصلاة وجهان ، والصحيح من المذهب وجوب العزم على فعل الصلاة ، وقد قدمه المصنف في كتاب الصلاة من هذا الكتاب ، فيكون الصحيح في الصوم كذلك على هذا التوجيه ، والله أعلم ، وقد ذكر المصنف كلام ابن عقيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية