صفحة جزء
[ ويستحب إتباع رمضان بست من شوال ] ولمسلم وغيره من رواية سعد بن سعيد أخي يحيى بن سعيد عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب مرفوعا { من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فذاك صيام الدهر } سعد مختلف فيه ، [ ص: 107 ] وضعفه أحمد ، ورواه أبو داود عن النفيلي عن عبد العزيز هو الدراوردي عن صفوان بن سليم ، وسعد بن سعيد عن عمر ، فذكره ، وهو إسناد صحيح ، وكذا رواه النسائي عن خلاد بن أسلم عن الدراوردي ، ورواه أيضا من حديث يحيى بن سعيد عن عمر ، لكن فيه عتبة بن أبي حكيم ، مختلف فيه ، ورواه أحمد أيضا من حديث جابر مرفوعا ، وكذا من حديث ثوبان ، وفيه : { وستة أيام بعد الفطر } فلذلك استحب أحمد والأصحاب رحمهم الله لمن صام رمضان أن يتبعه بصوم ستة أيام من شوال . قال جماعة منهم صاحب المغني والمحرر : وإنما كره صوم الدهر لما فيه من الضعف والتشبه بالتبتل ، ولولا ذلك لكان فيه فضل عظيم ، لاستغراق الزمان بالطاعة والعبادة ، والمراد بالخبر التشبيه في حصول العبادة به على وجه لا مشقة فيه ، كما قال عليه السلام في أيام البيض . وهي مستحبة ، قال في المغني : بغير خلاف ، قال : وكذا نهى عبد الله بن عمرو عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث ، وقال : " من قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن " أراد التشبيه بثلث القرآن في الفضل لا في كراهة الزيادة عليه ، وتحصل فضيلتها متتابعة ومتفرقة ، ذكره جماعة ، وهو ظاهر كلام أحمد ، وقال : في أول الشهر وآخره ، واستحب بعضهم تتابعها ، وهو ظاهر الخرقي وغيره ، وبعضهم : عقب العيد ، واستحبهما ابن المبارك والشافعي وإسحاق ، وهذا أظهر ، ولعله مراد أحمد والأصحاب ، لما فيه من المسارعة إلى الخير ، وإن حصلت الفضيلة [ ص: 108 ] بغيره ، وسمى بعض الناس الثامن عيد الأبرار ، واختاره شيخنا الأول ، لظاهر الخبر ، وذكره قول الجمهور وقال : ولا يجوز اعتقاد ثامن شوال عيدا ، فإنه ليس بعيد إجماعا ولا شعائره شعائر العيد ، والله أعلم . ويتوجه احتمال : تحصل الفضيلة بصومها في غير شوال ، وفاقا لبعض العلماء ، ذكره القرطبي ، لأن فضيلتها كون الحسنة بعشر أمثالها ، كما في خبر ثوبان ، ويكون تقييده بشوال لسهولة الصوم لاعتياده رخصة ، والرخصة أولى . ويتوجه تحصيل فضيلتها لمن صامها وقضاء رمضان وقد أفطره لعذر ، ولعله مراد الأصحاب ، وما ظاهره خلافه خرج على الغالب المعتاد ، والله أعلم . وكره أبو حنيفة ومالك صوم ستة أيام من شوال ، وذكر مالك أن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان ما ليس منه ، قال أصحابنا وغيرهم : يوم الفطر فاصل ، بخلاف يوم الشك .

التالي السابق


الخدمات العلمية