صفحة جزء
ويستحب صوم المحرم ، قال عليه السلام : { أفضل الصلاة [ ص: 111 ] بعد المكتوبة جوف الليل ، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم } رواه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة ، ولعله عليه السلام لم يكثر الصوم فيه لعذر ، أو لم يعلم فضله إلا أخيرا ، قال ابن الأثير : إضافته إلى الله تعظيما وتفخيما ، كقولهم بيت الله ، وآل الله لقريش ، قال : والشهر : الهلال ، سمي به لشهرته وظهوره ، وأفضله عاشوراء وهو العاشر ، وفاقا لأكثر العلماء ، ثم تاسوعاء وهو التاسع ممدودان وحكي قصرهما وعن ابن عمر : يكره صوم عاشوراء ، وعن بعض السلف : فرض . وهما آكده ، ثم العشر ، روى مسلم عن أبي قتادة مرفوعا في صيام يوم عرفة { إني لأحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده } وقال في صيام عاشوراء : { إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله } والمراد به الصغائر ، حكاه في شرح مسلم عن العلماء فإن لم تكن [ له ] صغائر رجا التخفيف من الكبائر ، فإن لم تكن رفعت درجات ، وعن الحسن عن ابن عباس قال : { أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء يوم العاشر من المحرم } . إسناده ثقات ، رواه الترمذي وقال : حسن صحيح .

وقال ابن المديني : لم يسمع الحسن من ابن عباس وقال : مرسلات الحسن التي رواها عنه الثقات صحاح ، وعن معقل بن يسار وغيره : يوم عاشوراء هو اليوم التاسع ، لأن الحكم بن عبد الله الأعرج سأل ابن عباس عن صومه أي يوم ؟ قال : إذا رأيت هلال المحرم فاعدد ، فإذا أصبحت من [ ص: 112 ] تاسعه فأصبح منها صائما ، قلت : أكذلك كان يصومه محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . رواه مسلم ، ومعناه : أهكذا كان يأمر بصيامه أو يحث عليه ؟ جمعا بينه وبين غيره ، ذكره صاحب المحرر . وعن ابن عباس القولان ، واختارت طائفة صوم اليومين ، صح عن ابن عباس وقال : خالفوا اليهود وعن أبي رافع صاحب أبي هريرة وابن سيرين ، وقاله الشافعي وأحمد وإسحاق . وقول ابن عباس : لما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى وفي لفظ أبي داود : تصومه اليهود والنصارى فقال " فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع " فلم يأت العام المقبل حتى توفي . رواه مسلم وأبو داود ، وهو يدل على أنه لم يكن يصوم التاسع بل العاشر وأنه عاشوراء ، وقصد صوم التاسع مع العاشر مخالفة لليهود ليس يدل على اقتصاره على التاسع ، وقد روى الخلال في العلل : حدثنا محمد بن إسماعيل أنبأنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن عبد الله بن عمير مولى ابن عباس ، عن ابن عباس مرفوعا { لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر } إسناده جيد . واحتج به أحمد في رواية الأثرم . وبقول ابن عباس : صوموا التاسع والعاشر .

التالي السابق


الخدمات العلمية