صفحة جزء
فصل

من نذر اعتكافا معينا متتابعا ليلا أو نهارا مطلقا ، أو شرط تتابعه ، أو نواه في يومين أو ليلتين أو أكثر ، أو أطلق وقلنا يجب تتابعه في وجه كما يأتي لزمه ما بينهما من يوم وليلة فقط ، نص عليه ( و ش ) لأن اليوم اسم لبياض النهار ، والليلة اسم لسواد الليل ، والتثنية [ ص: 169 ] والجمع تكرار الواحد ، وإنما يدخل ما تخلله من الأيام أو الليالي تبعا للزوم التتابع ضمنا ، وخرج ابن عقيل : لا يلزمه ما تخلله ، لأن لفظه لم يتناوله ، واختاره أبو حكيم وخرجه من اعتكاف يوم لا يلزمه معه ليلة ، وهو الأصح للشافعية ، وحكي لنا قول : لا يلزمه ليلا ، ومذهب ( هـ م ) يلزمه بعدد ما لفظ به ، لأن ذكر العدد من أحد جنسي الأيام والليالي عبارة عنهما مع الإطلاق ، لقوله تعالى { آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا } وقال : { ثلاثة أيام } وأجيب بأن الله نص عليهما ، كما يعمل بالنية في اللزوم وعدمه ( و ) .

ومن نذر أن يعتكف يوما معينا أو مطلقا دخل معتكفه قبل فجره الثاني وخرج بعد غروب شمسه ( و هـ ش ) لأنه اسم اليوم ، قاله الخليل ، ولا تلزمه الليلة التي قبله ( م ) لأن الليلة ليست من اليوم ، وحكى ابن أبي موسى رواية : يدخل معتكفه قبل وقت صلاة الفجر ، وكذا عند مالك إن نذر أن يعتكف ليلة لزمته بيومها . وتلزمه عندنا الليلة فقط ، فيدخل قبل الغروب ، ويخرج بعد فجرها الثاني ( و ش ) وإن اعتبرنا الصوم لم يلزمه شيء ( و هـ ) . ومن نذر اعتكاف يوم لم يجز تفريقه بساعات من الأيام ( و هـ م ) لأنه يفهم منه التتابع ، كقوله : متتابعا . وللشافعية وجهان ، وإن قال في وسط النهار : لله علي أن أعتكف يوما من وقتي هذا لزمه من ذلك الوقت إلى مثله ، لتعيينه ذلك بنذره . وفي دخول الليل الخلاف السابق . واختار الآجري إن نذر اعتكاف يوم فمن الوقت إلى مثله . وإن نذر اعتكاف شهر بعينه دخل معتكفه قبل غروب الشمس [ ص: 170 ] من أول ليلة منه وخرج بعد غروب الشمس من آخره ، نص عليه ( و ) وعنه : أو يدخل قبل فجرها الثاني ، روي عن الليث وأبي يوسف وزفر . وإن نذر عشرا معينا دخل قبل ليلته الأولى ( و ) وعنه : أو قبل فجرها الثاني ، وعنه : أو بعد صلاته ، ومن أراد أن يعتكف العشر الأخير تطوعا دخل قبل ليلته الأولى ، نص عليه ، لرؤياه عليه السلام ليلة القدر ليلة إحدى وعشرين ، في حديث أبي سعيد ، وحض أصحابه رضي الله عنهم على اعتكاف العشر ، وليلته الأولى كغيرها وهو عدد مؤنث وعنه : بعد صلاة الفجر أول يوم منه ، وقاله الأوزاعي والليث وإسحاق وابن المنذر ، لقول عائشة { : كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه } ، متفق عليه ، وحمله صاحب المحرر على الجواز .

وقال القاضي : يحتمل أنه كان يفعل ذلك في يوم العشرين ليستظهر ببياض يوم زيادة قبل دخول العشر ، قال : ونقل هذا عنه ، ثم ذكره من حديث عمرة عن عائشة ، ولم أجده في الكتب المشهورة .

التالي السابق


الخدمات العلمية