صفحة جزء
[ ص: 328 ] فصل : جزم جماعة منهم الشيخ وصاحب المستوعب والرعاية بالاستحباب ، ومعناه عن أحمد ، وعبر القاضي وأصحابه وصاحب المحرر وغيرهم بالجواز ، وإنما أرادوا فرض المسألة مع المخالف ، ولهذا ذكر القاضي استحبابه في بحث المسألة ، قال ابن عقيل : هو مستحب عند أصحابنا للمفرد والقارن أن يفسخا نيتهما بالحج زاد الشيخ : إذا طافا وسعيا فنويا بإحرامهما ذلك عمرة مفردة ، فإذا فرغاها وحلا منها أحرما بالحج ليصيرا متمتعين . وقال ( هـ م ش ) وداود : لا يجوز ، ولنا ولهم ما سبق في أفضل الأنساك . قالوا : { لا تبطلوا أعمالكم } رد بالفسخ ، نقله إلى غيره لا إبطاله ، من أصله ، زاد القاضي : على أنه محمول على غير مسألتنا . قالوا : { وأتموا الحج } رد : الآية اختصت الابتداء بهما لا البناء . قالوا : أحد النسكين كالعمرة . رد : فاسد الاعتبار ، ثم لا فائدة ، وهنا فضيلة التمتع ، وعند الشافعي فضيلة الإفراد إن كان .

[ ص: 329 ] قارنا . فإن قيل : صح وإن لم يعتقد فعل الحج من عامه ، قيل : منعه ابن عقيل وغيره ، نقل ابن منصور : لا بد أن يهل بالحج من عامه ليستفيد فضيلة التمتع ; ولأنه على الفور . فلا يؤخره ، كما لو لم يحرم ، فكيف وقد أحرم ؟ واختلف كلام القاضي ، وقدم الصحة ; لأن بالفسخ حصل على صفة يصح منه التمتع ; ولأن العمرة لا تصير حجا ، والحج يصير عمرة لمن حصر عن عرفة أو فاته الحج . قالوا : لا يجوز قبل الطواف والسعي كذا بعده ، نقل أبو طالب : يجعلها عمرة إذا طاف بالبيت ، ولا يجعلها وهو في الطريق . رد : لأن هذا الفسخ لم يجز في زمنه عليه السلام ; لأن في الصحيحين { أنه قال لأبي موسى : طف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل } ، ولأنه إنما جاز الفسخ ليصير متمتعا ، فإذا فسخ قبل فعل العمرة لم يحصل ذلك ، ولا يجوز أن يقال : افسخ واستأنف عمرة ; لأن الإحرام الأول تعرى عن نسك ، كذا قاله القاضي ، وظاهر كلامهم : يجوز ، فينوي إحرامه بالحج عمرة ، وخبر أبي موسى أراد أن الحل يترتب على الطواف والسعي ليس فيه المنع من قلب النية ، ولهذا في الصحيحين عن { عائشة قالت : نزلنا بسرف ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل ، ومن كان معه هدي فلا } وفيهما أيضا عنها : { حتى إذا دنونا من مكة أمر من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت وبين الصفا والمروة أن يحل } . وفيهما [ ص: 330 ] أيضا عن ابن عباس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم لأربع مضين من ذي الحجة ، فصلى الصبح بالبطحاء وقال لما صلى الصبح من شاء منكم أن يجعلها عمرة فليجعلها }

وفي الانتصار وعيون المسائل : لو ادعى مدع وجوب الفسخ لم يبعد واختار ابن حزم وجوبه ، وقال : هو قول ابن عباس وعطاء ومجاهد وإسحاق . وفي مسلم عن ابن عباس : أن من طاف حل ، وقال : سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم . وابن عباس إنما يروي التخيير أو الأمر بالحل ، فالتخيير كان أولا ثم حتمه عليهم آخرا لما امتنعوا ، فعلة الحتم زالت . وفي مسلم أن ابن جريج قال لعطاء : من أين يقول ذلك ؟ يعني ابن عباس . قال : من قول الله { ثم محلها إلى البيت العتيق } قلت : فإن ذلك بعد المعرف ، فقال : كان ابن عباس يقول : هو بعد المعرف وقبله كان يأخذ ذلك من { أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمرهم أن يحلوا في حجة الوداع } ، ولا يصح الفسخ إلا قبل وقوفه بعرفة ، لعدم جوازه في وقت النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يستفيد به فضيلة التمتع ، ولا يصح الفسخ ممن معه هدي منهما ، وكذا لا يحل متمتع ساق هديا فيحرم بالحج إذا طاف وسعى لعمرته قبل تحلله بالحلق ، فإذا ذبحه يوم النحر حل منهما معا ، نص عليه ، واحتج { بأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل في العشر ولم يحل } ، ونقل أبو طالب : الهدي يمنعه من التحلل من جميع الأشياء في العشر وغيره ( و هـ ) ونقل أيضا فيمن يعتمر قارنا أو متمتعا ومعه هدي : له أن يقصر من شعر رأسه خاصة ، .

[ ص: 331 ] { لقول معاوية : قصرت من رأس النبي صلى الله عليه وسلم عند المروة بمشقص } . متفق عليه . قال قيس بن سعد الحبشي وهو الذي خلف عطاء في مجلسه بمكة في الفتيا ، وقد رواه عن عطاء عن معاوية : الناس ينكرون هذا على معاوية . ونقل يوسف بن موسى فيمن قدم متمتعا معه هدي : إن قدم في شوال نحره وعليه هدي آخر ، وإن قدم في العشر لم يحل ، فقيل له خبر معاوية فقال : إنما حل بمقدار التقصير . قال القاضي : ظاهره يتحلل قبل العشر لا بعده إلا بتقصير الشعر . قال : وهذا يقتضي أن الهدي لا يمنع التحلل ، وإنما استحب المقام في العشر ; لأنه لا يطول إحرامه .

وقال مالك : له التحلل وينحر هديه عند المروة .

وقال الشيخ : ويحتمله كلام الخرقي ، وقاله الشافعي ، وعنه أيضا كقولنا . وجه الأول الأخبار السابقة ، وكامتناعه في وقته عليه السلام ; ولأن التمتع أحد نوعي الجمع بين الإحرامين ، كالقران .

وفيه نظر ، وحيث صح الفسخ لزمه دم ، نص عليه . وذكره القاضي في الخلاف ; لأن نية التمتع إن اعتبرت فما حل حتى نوى أنه يحل ثم يحرم بالحج وذكر الشيخ عن القاضي : لا ، لعدم النية ، قال في المستوعب : لا يستحب الإحرام بنية الفسخ ، قال في الرعاية : يكره ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية