صفحة جزء
[ ص: 349 ] وهي تسع : إزالة الشعر بحلق أو قطع أو نتف أو غيره بلا عذر يتضرر بإبقاء الشعر ، بالإجماع ، لقول الله تعالى { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } وقال كعب بن عجرة { كان بي أذى من رأسي فحملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي ، فقال : ما كنت أرى الجهد قد بلغ بك ما أرى ، أتجد شاة ؟ قلت : لا ، فنزلت الآية { ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } قال : هو صوم ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين نصف صاع نصف صاع طعاما لكل مسكين } متفق عليه . ولمسلم : { أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية فقال كأن هوام رأسك تؤذيك فقلت : أجل ، فقال : فاحلقه واذبح شاة أو صم ثلاثة أيام أو تصدق بثلاثة آصع من تمر بين ستة مساكين } والفدية في ثلاث شعرات ، هذا المذهب ، قاله القاضي وغيره ، ونصره هو وأصحابه ، نص عليه ( و ش ) ; لأن الثلاث جمع ، واعتبرت في مواضع ، كمحل الوفاق ، بخلاف ربع الرأس وما يماط به الأذى ، وعنه : في أربع . نقلها جماعة ، واختارها الخرقي ، لأن الأربع [ ص: 350 ] كثير . وذكر ابن أبي موسى رواية في خمس ، اختارها أبو بكر في التنبيه ، ولا وجه لها ، وعند أبي حنيفة : في ربع الرأس ، وكذا في الرقبة كلها أو الإبط الواحد أو العانة ; لأنه مقصود .

وقال صاحباه : إذا حلق عضوا لزمه دم ، وإن كان أقل فطعام ، أي الصدر والساق وشبهه . وإن أخذ من شاربه نسب ، فيجب في ربعه قيمة ربع دم وإن حلق موضع المحاجم لزمه دم ، عنده ، وقالا : صدقة . وعند مالك : فيما يماط به الأذى ، ويتوجه بمثله احتمال . والفدية دم أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد بر ، في رواية وهي [ أشهر ] ككفارة اليمين .

وفي رواية : نصف صاع ( م 1 ) ( و م ش ) كغيره ; لأنه ليس بمنصوص عليه ، فيعتبر بالتمر والزبيب المنصوص عليهما كالشعير . وعن الحنفية : من البر نصف صاع ، ومن غيره صاع . واختار شيخنا : يجزئ خبز رطلان عراقية ، وينبغي أن يكون بأدم وإن مما يأكله أفضل من بر وشعير . قال أحمد والأصحاب : أو صوم ثلاثة أيام ، واختار [ ص: 351 ] الآجري : يصوم ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع .

وقال الحسن ونافع وعكرمة : يصوم عشرة والصدقة على عشرة ، كذا قالوا . وغير المعذور مثله في التخيير ، نقل جعفر وغيره : كل ما في القرآن " أو " فهو مخير ، ذكره الشيخ ظاهر المذهب ( و م ش ) ; لأنه تبع للمعذور ، والتبع لا يخالف أصله ; ولأن كل كفارة خير فيها لعذر خير بدونه كجزاء الصيد ، ولم يخير الله بشرط العذر ، بل الشرط لجواز الحلق . وعنه : من غير عذر يتعين الدم ، فإن عدمه أطعم ، فإن تعذر صام ، جزم به القاضي وأصحابه في كتب الخلاف ( و هـ ) ; لأنه دم يتعلق بمحظور يختص الإحرام ، كدم يجب بترك رمي ومجاوزة ميقات ، وله تقديم الكفارة على الحلق ككفارة اليمين . وفي كل شعرة إطعام مسكين ، نص عليه ، وهو المذهب عند الأصحاب ; لأنه أقل ما وجب شرعا فدية ، وعنه : قبضة طعام ، لأنه لا تقدير فيه ، فدل أن المراد يتصدق بشيء . وعنه : درهم ، وعنه : نصفه ، وعنه : درهم أو نصفه ، ذكرها أصحاب القاضي ، وخرجها هو من ليالي منى ، وعند الحنفية كالأول ، وفي كلامهم أيضا : عليه صدقة ، وعن مالك مثله ، وعنه أيضا : لا ضمان فيما لم يمط به الأذى . وعن الشافعي ثلث درهم ، وعنه : إطعام مسكين ، وعنه : درهم ، ويتوجه تخريج كقوله الأول ، لأن ما ضمنت به الجملة ضمن بعضه بنسبته كصيد ، وبعض شعر كهي ; لأنه غير مقدر بمساحة بل كموضحة يستوي صغيرها وكبيرها . وخرج ابن عقيل وجها [ ص: 352 ] بنسبته كأنملة أصبع ، وشعر البدن كالرأس في الفدية ( و ) خلافا لداود ، لحصول الترفه به ، بل أولى ، أن الحاجة لا تدعو إليه .


[ ص: 350 ] باب محظورات الإحرام ( مسألة 1 ) قوله : والفدية يعني في حلق الرأس وتقليم الأظفار دم أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد بر ، في رواية وهي أشهر ، ككفارة اليمين وفي رواية : نصف صاع ، انتهى .

والصحيح من المذهب هو الأول ، وهو أشهر كما قال المصنف ، وجزم به في المقنع وشرح ابن منجى والرعايتين والحاويين والوجيز والمنور وغيرهم ، وقدمه في الفائق وشرح ابن رزين . والرواية الثانية جزم بها في الكافي . وأطلقها في المغني والشرح .

التالي السابق


الخدمات العلمية