صفحة جزء
ويضمن الصيد بمثله ، نص عليه ( و م ش ) وداود . وعند أبي حنيفة ومحمد بن الحسن : بقيمته ، ثم له صرفها في النعم التي تجوز في الهدايا فقط . لنا { فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به } الآية . فجزاء مبتدأ خبره محذوف يقرأ في السبع بتنوينه ، فمثل صفة أو بدل ، ويقرأ شاذا بنصب مثل ، أي يخرج مثل . وقدرنا لأن الجزاء يتعدى بحرف الجر ، ويقرأ بإضافة الجزاء إلى مثل ، فمثل في حكم الزائد ، كقولهم : مثلي لا يقول ذلك ، أي أنا لا أقول ، وقدرنا ; لأن الذي يجب به

[ ص: 423 ] الجزاء المقتول لا مثله ، ومن النعم صفة لجزاء إن نونته ، أي جزاء كائن من النعم ، ويجوز تعلقه به إن نصبت مثلا ، لعمله فيهما ; لأنهما من صلته ، لا إن رفعته ; لأن ما يتعلق به من صلته ، ولا يفصل بين الصلة والموصول بصفة أو بدل ، ويجوز تعلقه به إن أضفته . ويجوز مطلقا جعله حالا من الضمير في " قتل " ; لأن المقتول يكون من النعم و ( يحكم به ) صفة جزاء إذا نونته ، وإذا أضفته ففي موضع حال عاملها معنى الاستقرار المقدر في الخبر المحذوف . وقال جابر { سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال هو صيد ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم } رواه أبو داود : حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي حدثنا جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد عن عبد الرحمن بن أبي عمار عنه . حديث صحيح . ورواه ابن ماجه عن عطاء عن جابر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الضبع إذا أصابها المحرم جزاء كبش مسن وتؤكل } إسناده جيد ، رواه الدارقطني وقال : إسناده صالح ، وله أيضا عن ابن عباس مرفوعا بإسناد حسن ورواه الشافعي عن عكرمة مرسلا ،

وله عن الأجلح عن أبي الزبير عن جابر قال : في الضبع إذا أصابه المحرم كبش ، وفي الظبي شاة ، وفي الأرنب عناق . وفي اليربوع جفرة والجفرة : التي قد أربعت . [ ص: 424 ] الأجلح وثقه ابن معين والعجلي ، وضعفه النسائي .

وقال ابن عدي : صدوق ، وقال أبو حاتم : لا يحتج به .

وقال ابن حبان : لا يدري ما يقول .

وقال أحمد : ما أقربه من فطر وفطر وثقه أحمد والأكثر . وكلاهما شيعي .

ولمالك عن جابر أن عمر قضى في الضبع بكبش ، وفي الغزال بعنز ، وفي الأرنب بعناق ، وفي اليربوع بجفرة نقل أبو طالب : أذهب إليه ، وحكم عمر وعبد الرحمن بن عوف في ظبي بعنز ، رواه مالك من رواية ابن سيرين عنه ، ولم يدركه . وعن طارق بن شهاب أن أربد أوطأ ظبيا ففزر ظهره فسأل أربد عمر فقال : احكم يا أربد فيه . فقال : أنت خير مني يا أمير المؤمنين وأعلم ، فقال عمر : إنما أمرتك أن تحكم فيه ولم آمرك أن تزكيني ، فقال أربد : أرى فيه جديا قد جمع الماء والشجر فقال عمر : فذلك فيه رواه الشافعي ، وعن ابن مسعود أنه قضى في اليربوع بجفرة ، رواه الشافعي ، وقضى ابن عمر على جماعة في ضبع بكبش ، رواه الدارقطني ، وقضى ابن عباس في حمامة بشاة ، قال عطاء : من حمام مكة رواه الشافعي ، قال أصحابنا هو إجماع الصحابة ، وليس ذلك على وجه القيمة ، لما سبق من الآية والأخبار ، وقوله لعمر : قد جمع الماء والشجر ، ولاختلاف القيمة بالزمان والمكان والسعر وصفة المتلف ، ولم يوصف لهم ولم يسألوا عنه ; ولأن الجفرة لا تجزئ في الهدايا ; ولأنها خير من اليربوع ، والشاة خير من الحمامة ، ولأنه حيوان مخرج على وجه التكفير ، فكان أصلا ، كالعتق في كفارة الظهار والوطء في رمضان ، وبعضه هل يضمنه بمثله أم بقيمته ( صيد الحرم ) ؟

[ ص: 425 ] سبق فيما إذا أكل مما صيد له . وإن كان الصيد مملوكا له أو لغيره لزمه مع ضمان قيمته لربه ( و ) الجزاء نص عليه ( و ) فإن حرم أكله ضمن قيمته ، وإن حل ضمن نقصه ، لعموم الآية والخبر ; لأنه صيد حقيقة ; ولأنه منع من قتله للإحرام ، كغيره ; ولأنه كفارة فاجتمعا ، كالعبد وعند داود : لا جزاء قال الحنفية : وما نبت بنفسه في الحرم في ملك رجل يضمن متلفه قيمته لحرمة الحرم ، وقيمة أخرى لمالكه . كصيد حرمي ، ومعناه كلام غيرهم : إن ملك الأرض بما نبت فيها . ويعتبر المثل بقضاء الصحابة نقل إسماعيل الشالنجي : هو على ما حكم الصحابة ، زاد أبو نصر العجلي : لا يحتاج أن يحكم عليه مرة أخرى ( و ش ) لأنهم أعرف وأقرب إلى الصواب . واحتج الشيخ [ وغيره ] بقوله [ عليه السلام ] { اقتدوا بالذين من بعدي و أصحابي كالنجوم } وعند مالك : يستأنف الحكم ولا يكتفى به ، لقوله { يحكم به ذوا عدل منكم } واحتج به القاضي لنا وقال لخصمه : لا يقتضي تكرار الحكم ، كقوله : لا تضرب زيدا ومن ضربه فعليه دينار ، لا يتكرر الدينار بضرب واحد ، كذا مثل وقاس المسألة على ما حكم فيه بمثله صحابيان في وقتهما .

[ ص: 426 ] ويتوجه أن فرض الأصحاب المسألة في الصحابيين إن كان بناء على أن قول الصحابي حجة قلنا فيه روايتان . وإن كان لسبق الحكم فيه فحكم غير الصحابي مثله في هذا ، للآية . وقد احتج بها القاضي ، وقد نقل ابن منصور : كل ما تقدم فيه من حكم فهو على ذلك . ونقل أبو داود : يتبع ما جاء ، قد حكم وفرغ منه . وقد رجع الأصحاب في بعض المثلي إلى غير الصحابي ، كما يأتي ، فإن عدم فقول عدلين ولا يكفي واحد ، خلافا لأكثر الحنفية خبيرين ، لاعتبار الخبرة بما يحكم به ، فيعتبران الشبه خلقة لا قيمة ، كفعل الصحابة ، ويجوز أن يكون أحدهما القاتل ، نص عليه ( م ) وهما أيضا ( م ) لظاهر الآية ، ولقصة أربد السابقة ; ولأنه حق لله يتعلق به حق آدمي ، كتقويمه عرض الزكاة لإخراجها ، قال ابن عقيل إذا قتل خطأ ; لأن العمد ينافي العدالة ، إلا جاهلا بتحريمه لعدم فسقه . قال بعضهم : وعلى قياسه قتله لحاجة أكله ، فمن المثلي ، في النعامة بدنة روي عن عمر وعثمان وعلي وزيد وابن عباس ومعاوية ومالك والشافعي ، لأنها تشبهها ، وعند أبي حنيفة قيمتها . وخالفه صاحباه وفي حمار الوحش بقرة روي عن عمر وعروة ومجاهد والشافعي ، وعن أحمد : بدنة ، روي عن أبي عبيدة وابن عباس وعطاء والنخعي ، وفي بقرة الوحش بقرة ، روي عن ابن مسعود وعطاء وعروة وقتادة والشافعي ،

[ ص: 427 ] وفي الأيل بقرة ، روي عن ابن عباس . والتيتل [ والوعل ] كالأيل وعنه : في كل من الأربعة بدنة ، ذكرها صاحب الواضح والتبصرة . وعنه : لا جزاء لبقرة الوحش ، كجاموس . وفي صحاح الجوهري : التيتل الوعل المسن ، قال : والوعل هي الأروى . وعن ابن عمر في الأروى بقرة ، وفي الضبع كبش ( و ش ) لما سبق قال أحمد : حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبش .

وقال الأوزاعي : كان العلماء بالشام يعدونها من السباع ويكرهون أكلها قال الشيخ : وهو القياس ، إلا أن السنة أولى ، وفي الظبي وهو الغزال شاة ( و ش ) كما سبق ، وكذا الثعلب إن أكل ( و م ش ) لأنه يشبهه ، وعن قتادة وطاوس : فيه الجزاء ، ولنا وجه أو حرم تغليبا ، وذكره ابن عقيل رواية وأن عليها لا يقوم ، ونقل بكر : عليه جزاء ، هو صيد لكن لا يؤكل .

وقال ابن الجوزي فيه وفي السنور : يحرم أكلهما وقتلهما ، وفي القيمة بقتلهما روايتان ، ونقل ابن منصور في السنور أهليا أو بريا حكومة ، وحمله القاضي على الندب .

وفي المستوعب : في سنور البر حكومة ، وذكر جماعة منهم المستوعب : ما في حله خلاف كثعلب وسنور وهدهد وصرد وغيرها ففي وجوب الجزاء الخلاف ،

[ ص: 428 ] وفي الرعاية : إن أبحن ، وفيهن السنور الأهلي على قول ، ومراده بالإباحة غيره ، وفي الأرنب عناق ( و ش ) لما سبق ، وعن ابن عباس فيه جمل وعن عطاء شاة ، والعناق أنثى من ولد المعز دون الجفرة ، وفي اليربوع جفرة ، ( و ش ) نص عليه ، لما سبق ، وهي من المعز لها أربعة أشهر .

وقال ابن الزبير : فطمت ورعت ، وقيل : يروح بها الراعي على يديه وعن أحمد ، جدي ، وقيل : شاة ، وقيل : عناق ، وفي الضب جدي ( و ش ) لما سبق ، وعنه : شاة ; لأنه قول جابر وعطاء .

وقال مالك : قيمته ، والوبر كالضب ، وقال القاضي : فيه جفرة ( و ش ) لأنه ليس بأكبر منها : وعن مجاهد وعطاء : شاة ، وفي الحمام : شاة ، نص عليه ( و ش ) لما سبق . وللنجاد عن أبي الزبير عن ، جابر قال : قضى عمر في المحرم في الطير إذا أصابه شاة ، ولأنها مضمونة لحق الله ، كحمام الحرم ، وقياس الشيء على جنسه أولى ; ولأن الشاة إذا كانت مثلا في الحرم فكذا الحل ، وعند مالك في حمام الحرم : فيه شاة ، وفي الحل روايتان : إحداهما شاة ، والثانية حكومة . كحمام الحل . والحمام كل ما عب الماء أي يضع منقاره فيه فيكرع ويهدر كالشاة ويشبهها فيه ، لا يشرب قطرة قطرة كبقية الطير ، فمما شرب كالحمام والعرب تسميه حماما القطا والفواخيت والوراشين والقمري والدبسي والشغانين ، وفي التبصرة والغنية وغيرهما : في كل مطوق شاة ; لأنه حمام ، وقاله الكسائي ، فالحجل مطوق ولا يعب ، ففيه الخلاف

التالي السابق


الخدمات العلمية