صفحة جزء
والإجارة أقسام :

عين موصوفة في الذمة ، فيشترط صفات سلم ، ومتى غصبت أو تلفت أو تعيبت لزمه بدلها ، فإن تعذر فللمكتري الفسخ ، وتنفسخ بمضي المدة إن كانت إلى مدة . وعين معينة ، فهي كمبيع ، وتنفسخ بتعطيل نفعها ابتداء أو دواما فيما بقي وقيل : وما مضى ، ويسقط المسمى على قيمة المنفعة ، فيلزمه بحصته ، نقل الأثرم فيمن اكترى بعيرا بعينه فمات أو انهدمت الدار : فهو عذر يعطيه بحساب ما ركب ، وقيل : يلزمه بحصته من المسمى ، وعنه : لا فسخ بموت مرضع ، اختاره أبو بكر ، وقيل : لا فسخ بهدم دار ، فيخير ، وله الفسخ بعيب أو بانت معيبة ، وهو ما يظهر به تفاوت الأجرة إن لم يزل بلا ضرر يلحقه ، وقياس المذهب : أو الأرش .

وقال شيخنا : وإلا ورد ضعفه على أصل أحمد بين . قال [ ص: 441 ] في الترغيب : ولو احتاجت الدار تجديدا فإن جدد وإلا فسخ ، وله إجباره على التجديد ، وقيل : بلى ، وإن شرط عليه مدة تعطيلها ، أو أن يأخذ بقدرها المدة ، أو شرط عليه النفقة ، أو جعلها أجرة ، لم يصح ومتى أنفق بإذن على الشرط أو بناء رجع بما قال مؤجر ، ذكره الشيخ .

وفي الترغيب وغيره في الإذن مستأجر كإذن حاكم في نفقته على جمال هرب مؤجرها ، ولو غصبت وإجارتها لعمل فالفسخ أو الصبر ومدة فالفسخ أو الإمضاء وأخذ أجرة مثلها من صاحبها إن ضمنت منافع غصب ، وإلا نفسخ ، وفي الانتصار : تنفسخ تلك المدة والأجرة للمؤجر لاستيفاء المنفعة على ملكه ، وأن مثله وطء مزوجة وحدوث خوف عام ، كغصب ، لا خاص ، ولو غصبها المكري فلا شيء له مطلقا ، نص عليه ، وقيل : كغصب غيره .

الثالث عقد على منفعة في الذمة في شيء معين أو موصوف ، كخياطة ، ويشترط ضبطه بما لا يختلف ، ويلزمه الشروع عقيب العقد ، وإن ترك ما يلزمه قال شيخنا : بلا عذر فتلف بسببه ضمن ، وله الاستنابة ، فإن مرض أو هرب اكترى من يعمل عمله فإن شرط مباشرته فلا [ ص: 442 ] ولا استنابة إذن نقل حرب فيمن دفع إلى الخياط ثوبا ليخيطه فقطعه ودفعه إلى خياط آخر قال : لا ، إن فعل ضمن ، قال في المغني : فإن اختلف القصد فيه كنسج لم يلزمه ، ولا المكتري قبوله ، وإن تعذر فله الفسخ ، وينفسخ العقد بتلف محل عمل معين ، ويشترط تقدير نفع بعمل أو مدة ، فإن جمعهما مثل استأجرتك لخياطة هذا الثوب اليوم لم يصح ، وعنه : بلى ، كجعالة ، وفيها وجه ، قال في التبصرة : وإن اشترط تعجيل العمل في اقتضاء ممكن فله شرطه ، ولا فسخ بموت ، وعنه : بلى بموت مكتر لا قائم مقامه ، كبرء ضرس اكترى لقلعه ، اختاره الشيخ ، ولا بعذر لمكتر كمكر ويصح بيع عين مؤجرة ، في المنصوص ، ولمشتر يجهله الفسخ ، ذكره الشيخ .

وفي الرعاية : أو الأرش ، قال أحمد : هو عيب .

وفي الانفساخ بشراء مستأجر أو إرثه [ لها ] روايتان ( م 15 ) ولو آجرها [ ص: 443 ] لمؤجرها فإن قلنا لم تنفسخ صح ، وإلا فلا ولو آجر ولي موليه أو ماله ، وقيل : ولو مدة يعلم فيها بلوغه ، أو سيد عبدا ثم بلغ وعتق ، أو الموقوف عليه الوقف ثم مات ، لم تنفسخ ، وللبطن الثاني حصته ، كعزل الولي وناظر الوقف ، وكملكه المطلق ذكره الشيخ وغيره ، وقيل : ينفسخ فيرجع [ ص: 444 ] في الأجرة مستأجر على مؤجر قابض أو ورثته ، وقيل فيها : تبطل ، وقيل : يرجع العتيق على معتقه بحق ما بقي ، كما يلزمه نفقته إن لم يشترطها على مستأجر ، ويتوجه مثله فيما آجره ثم وقفه ، وتجوز إجارة الإقطاع كموقوف ، قاله شيخنا [ قال ] ولم يزل يؤجر من زمن الصحابة إلى الآن ، ولم أعلم عالما منع .


[ ص: 442 ] مسألة 15 ) قوله في شراء العين المأجورة : وفي الانفساخ بشراء مستأجر أو إرثه روايتان ، انتهى . وهما وجهان عند كثير من الأصحاب ، وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغني والكافي والمقنع والهادي والتلخيص والشرح والفائق وغيرهم .

[ ص: 443 ] أحدهما ) لا تنفسخ ، وهو الصحيح ، صححه في التصحيح ، قال في القاعدة الخامسة والثلاثين : وهو الصحيح ، اختاره القاضي وابن عقيل والأكثرون ، وجزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه في الرعاية الكبرى وغيره .

( والرواية الثانية ) تنفسخ ، قال في القاعدة الصغرى والحاوي الصغير : انفسخت الإجارة ، على الأصح ، قال في الخلاصة : انفسخت ، في الأصح .

( تنبيه )

قوله : ولو آجر الموقوف عليه الوقف ثم مات لم تنفسخ . . . وقيل تنفسخ انتهى قدم المصنف أن الإجارة لا تنفسخ إذا آجر الموقوف عليه ، وصححه في التصحيح والنظم ، وجزم به في الوجيز ، وقدمه في الرعاية الكبرى وشرح ابن رزين ، قال القاضي في المجرد : هذا قياس المذهب :

( والوجه الثاني ) تنفسخ ، جزم به القاضي في خلافه ، وأبو الحسين أيضا ، وحكاه عن أبي إسحاق بن شاقلا ، واختاره ابن عقيل ، وابن عبدوس في تذكرته ، والشيخ تقي الدين ، وغيرهم ، قال الشيخ تقي الدين : هذا أصح الوجهين ، قال القاضي : هذا ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية صالح ، قال ابن رجب في قواعده : وهو المذهب الصحيح ; لأن الطبقة الثانية تستحق العين بمكانها تلقيا عن الواقف بانقراض الطبقة الأولى ، انتهى . وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير .

وقال ابن رجب أيضا في قواعده : واعلم أن في ثبوت الوجه الأول نظرا ; لأن القاضي إنما فرضه فيما إذا آجر الموقوف عليه يكون النظر له مشروطا ، وهذا محل تردد ، أعني إذا آجر [ ص: 444 ] بمقتضى النظر المشروط له هل يلحق بالنظر العام فلا ينفسخ بموته أم لا ؟ فإن من أصحابنا المتأخرين من ألحقه بالنظر العام ، انتهى ، فقد ظهر لك أن الصحيح من المذهب

الوجه الثاني ، وهو الانفساخ من جهة النقل والدليل وكثرة الأصحاب وتحقيقهم ، وأن الذي قدمه المصنف ليس هو المذهب ، والله أعلم . وأطلق الخلاف في المسألة ، في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع [ ص: 445 ] والهادي والتلخيص والبلغة والشرح وشرح ابن منجى والفائق والزركشي وتجريد العناية وغيرهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية