صفحة جزء
وفي صحة بيع فيه ( و ) وتحريمه ( خ ) وعمل صنعة كخياطة ، نفع المسجد أو لا ، روايتان ( م 17 - 19 ) .


[ ص: 632 ] مسألة 17 - 19 ) قوله : وفي صحة بيع فيه يعني المسجد وتحريمه ، وعمل صنعة كخياطة ، نفع المسجد أو لا ، روايتان انتهى ، فيه مسائل :

( المسألة الأولى - 17 ) هل يصح البيع في المسجد أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في الآداب الكبرى ، وقال في الرعاية الكبرى : وفي صحتهما وجهان ، مع التحريم :

( إحداهما ) لا يصح : قال ابن تميم : ذكر القاضي في موضع بطلان البيع ، قال ابن أبي المجد في كتابه قبل الخيار في البيع : ويحرم البيع والشراء في المسجد ، للخبر ، ولا يصحان ، في الأصح فيهما ، انتهى ( قلت ) : قواعد المذهب تقتضي عدم الصحة قال ابن هبيرة : منع الإمام أحمد صحته وجوازه ، وهو ظاهر ما قدمه المصنف في آخر [ ص: 633 ] الاعتكاف ، لأنه قدم عدم الجواز ، ثم قال وقيل : إن حرم ففي صحته وجهان ، انتهى ، وهو طريقته في الرعاية

( والرواية الثانية ) يصح ، وهو قوي ، جزم به في المغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم قبيل باب السلم ، ولكن قطعوا بالكراهة ، وصححوا البيع .

( تنبيه ) ظاهر كلام المصنف هنا في الصحة وعدمها أنه سواء قلنا يكره أو يحرم ، وهذا بعيد جدا على القول بالكراهة ، ويحتمل أنه بنى الخلاف على الخلاف في التحريم والكراهة ، فإن قلنا يحرم لم يصح ، وإلا صح ، هذا ظاهر كلامه في الاعتكاف ، فإنه هناك قدم التحريم ثم قال : وقيل : إن حرم ففي صحته وجهان ، انتهى ، ومحل الخلاف عند صاحب الرعاية على القول بالتحريم ، وهو الصواب . وهو كالصريح في كلام ابن أبي المجد .

( المسألة الثانية 18 ) هل يحرم البيع والشراء فيه أم لا ؟ أطلق الخلاف .

( إحداهما ) يحرم ، وهو الصحيح ، نص عليه في رواية حنبل ، وجزم به القاضي وابنه أبو الحسين وصاحب الوسيلة والإفصاح ، والمجد في شرحه ، والشارح في باب الاعتكاف ، وغيرهم قال ابن هبيرة : منع الإمام أحمد جوازه ، وقدمه في الرعاية الكبرى ومختصر ابن تميم والمصنف في باب الاعتكاف ، وهذه من جملة المسائل التي قدم المصنف فيها حكما في مكان وأطلق الخلاف في آخر . والرواية الثانية يكره ، جزم به في الفصول والمستوعب والمغني والشرح في آخر كتاب البيع ، وشرح ابن رزين ، قال الشيخ في المغني قبل كتاب السلم بيسير : ويكره البيع والشراء في المسجد وقال في الرعاية الكبرى في باب مواضع الصلاة واجتناب النجاسة : ويسن أن يصان المسجد عن عمل صنعة ، نص عليه ، وإن نقصه صانعها بكنس أو رش أو غيره ذكره في باب مواضع الصلاة وقال ابن تميم : ويجنب المسجد عمل الصنعة وإن كان الصانع يحرمه ، قال في الآداب : ويسن أن يصان المسجد عن كل عمل صنعة ، نص عليه .

وقال في المستوعب وغيره : سواء كان الصانع يراعي [ ص: 634 ] المسجد بكنس أو رش ونحوه أو لم يكن ، انتهى . قال حرب : سئل الإمام أحمد عن العمل في المسجد نحو الخياطة وغيره ، فكأنه كراهة ليس بذلك التشديد .

وقال المروذي : سألته عن الرجل يكتب بالأجرة فيه قال : أما الخياط وشبهه فلا يعجبني ، إنما بني لذكر الله تعالى ، وقال في رواية الأثرم : ما يعجبني مثل الخياط والإسكاف وشبهه ، وسهل في الكتابة ، قال الحارثي : خص الكتابة لأنه نوع تحصيل علم ، فهي في معنى الدارسة ، وهذا يوجب التقييد بما لا يكون تكسبا ، وإليه أشار بقوله : فليس ذلك كل يوم ، انتهى ، وظاهر ما نقل الأثرم وقد قطع المصنف في باب الاعتكاف أنه لا يجوز للمعتكف أن يتكسب بالصنعة التسهيل في الكتابة مطلقا ، انتهى . ( قلت ) : الصواب عدم التحريم والله أعلم في المسجد وإن احتاج الخياطة للبسه فالصحيح الجواز وهو ظاهر كلام المصنف هناك إطلاق الخلاف وقد ذكره ( والرواية الثانية ) يحرم ، وهو ظاهر ما اختاره ابن بطة .

قال صالح لأبيه : تكره الخياطين في المساجد ؟ قال : إي لعمري شديدا ، وكذا روى ابن منصور .

وقال في الآداب : وهذا يقتضي التحريم ، ورواية حرب الكراهة ، فهاتان روايتان ، وذكر ابن عقيل أنه يكره في المساجد العمل والصنائع كالخياطة والخرز والحلج والنجارة وما شاكل ذلك إذا كثر ، ولا يكره إذا قل ، كرقع ثوبه وخصف نعله ، انتهى .

( قلت ) : هو أعدل الأقوال والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية