صفحة جزء
[ ص: 657 ] تصح مطلقة ومقيدة من مكلف ، قال في الكافي : لم يعاين الموت ( و ش ) قال : لأنه لا قول له ، والوصية قول ، ولنا خلاف ، هل تقبل التوبة ما لم يعاين الملك أو ما دام مكلفا أو ما لم يغرغر ؟ فيه أقوال ( م 1 ) [ ص: 658 ] وفي مسلم وغيره : { يا رسول الله ؟ أي الصدقة أفضل ؟ قال : أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد كان لفلان } معنى بلغت الحلقوم بلغت الروح ، قال في شرح مسلم إما من عنده أو حكاية عن الخطابي : والمراد قاربت بلوغ الحلقوم ، إذ لو بلغته حقيقة لم تصح وصيته ولا صدقته ولا شيء من تصرفاته ، باتفاق الفقهاء .


[ ص: 657 ] كتاب الوصايا ( مسألة 1 ) قوله : ولنا خلاف هل تقبل التوبة ما لم يعاين الملك أو ما دام مكلفا أو ما لم يغرغر ؟ فيه [ ثلاثة ] أقوال .

( أحدها ) تقبل ما لم يغرغر ، لما روى الإمام أحمد والترمذي وابن حبان في صحيحه من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر } قال ابن رجب في كتاب اللطائف : فمن تاب قبل أن يغرغر قبلت توبته ، وقدمه ، لأن الروح تفارق القلب عند الغرغرة فلا يبقى له نية ولا قصد .

( والقول الثاني ) تقبل ما لم يعاين الملك ، وهو قول الحسن ومجاهد وغيرهما . وقد خرج ابن ماجه عن أبي موسى قال : { سألت النبي صلى الله عليه وسلم : متى تنقطع معرفة العبد من الناس ؟ قال : إذا عاين } يعني الملك ، وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن علي قال : " لا يزال العبد في مهلة من التوبة ما لم يأته ملك الموت يقبض روحه ، فإذا نزل ملك الموت فلا توبة حينئذ " وبإسناده عن ابن عمر قال : " التوبة مبسوطة ما لم ينزل سلطان الموت " .

وروى في كتاب الموت عن أبي موسى [ ص: 658 ] قال : " إذا عاين الميت الملك ذهبت المعرفة " . وعن مجاهد نحوه ، وقدمه ابن حمدان في آداب الرعايتين ، ونهاية المبتدين في أصول الدين ، والمصنف في الآداب الكبرى والوسطى ، والشيخ عبد الله كتيلة في كتاب العدة .

( والقول الثالث ) تقبل توبته ما دام مكلفا ، وهو قوي ، والصواب قبولها ما دام عقله ثابتا وإلا فلا . وقد ذكر المصنف في أول الباب الذي يلي هذا ما يتعلق بمن تحقق أنه يموت سريعا ، وتأتي هذه الأقوال استطرادا في كتاب الجنايات ، والأقوال الثلاثة قريب بعضها من بعض وقد ذكرها ابن حمدان وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية