صفحة جزء
( السادسة ) امرأة المفقود تتربص ما تقدم في ميراثه تم تعتد للوفاة ، وفي اعتبار حكم بضرب المدة والعدة واعتبار طلاق الولي بعدها ثم تعتد بالأقراء إن طلق روايتان ( م 8 و 9 ) .

وقال ابن عقيل : لا يعتبر [ ص: 546 ] فسخ النكاح الأول ، على الأصح ، كضرب المدة ، وكذا قال شيخنا إن على الأصح لا يعتبر الحاكم ، فلو مضت المدة والعدة تزوجت بلا حكم ، وإذا فرق وفي المستوعب وغيره : أو فرغت المدة نفذ الحكم ظاهرا ، فيصح طلاق المفقود ، لبقاء نكاحه ، وعنه : وباطنا ، فلا يصح ، ويتوجه عليهما الإرث ، فإن تزوجت ثم قدم قبل وطء الثاني فهي له ، وعنه : يخير ، وبعده له أخذها زوجة [ ص: 547 ] بعقده الأول .

والمنصوص : وإن لم يطلق الثاني ، ويطأ بعد عدته ، وله تركها معه .

وقال الشيخ : بعقد [ ثان ] فإن تركها ففي أخذه ما مهرها هو أو الثاني وفي رجوع الثاني عليها به روايتان ( 10 و 11 ) .

وقال [ ص: 548 ] ابن عقيل : القياس لا يأخذه .

وقال جماعة : القياس أنها للأول بلا خيار ، إلا أن تقع الفرقة باطنا فللثاني ، ونقل أبو طالب : لا خيار للأول مع موتها ، وأن الأمة كنصف حرة ، كالعدة .

وقال شيخنا : هي زوجة الثاني ظاهرا وباطنا وترثه ، ذكره أصحابنا ، وهل ترث الأول ؟ قال أبو جعفر : ترثه ، وخالفه غيره وإن متى ظهر الأول فالفرقة ونكاح الثاني موقوفا ، فإن أخذها بطل نكاح الثاني حينئذ ، وإن أمضى ثبت نكاح الثاني ، وجعل في الروضة التخيير المذكور إليها [ وأنها ] أيهما اختارته ردت على الآخر ما أخذت منه : وتنقطع النفقة بتفريقه أو تزويجها ، وقيل : وبالعدة [ ص: 549 ]

وإن بان موته وقت الفرقة ولم يجز التزويج ففي صحته وجهان ( م 12 ) ومتى قيل : لا تتزوج فتزوجت وأنفق لم يرجع ، فإن أجبره عليها حاكم احتمل رجوعه ، لعدم وجوبها ، واحتمل لا ، لأن الحكم لا ينقض ما لم يخالف نصا أو إجماعا ( م 13 ) .

ومن ظهر موته باستفاضة أو بينة فكمفقود ، وتضمن البينة ما تلف من ماله ومهر الثاني ، وذكر أبو الفرج : إن عرف خبره ببلد تربصت إلى تسعين سنة ، ومن أخبر بطلاق غائب وأنه وكيل آخر [ ص: 550 ] في نكاحه بها وضمن المهر فنكحته ثم جاء الزوج فأنكر فهي زوجته ولها المهر ، وقيل : كمفقود ، ذكره في المنتخب .

وقال شيخنا : متى فرق بينهما لسبب يوجب الفرقة ثم بان انتفاؤه فكمفقود ، وكذا إن كتمه حتى تزوجت ودخل بها ، فإن علمت تحريمه فزانية ، وكأنها طلقت نفسها بلا إذنه ثم أجازه ، وإن طلق غائب أو مات اعتدت منذ الفرقة وإن لم تحد ، وعنه : هذا إن ثبت ببينة أو كانت بوضع حمل ، وإلا فمن بلوغ الخبر .


( مسألة 8 و 9 ) قوله في : امرأة المفقود تتربص ما تقدم في ميراثه ثم تعتد للوفاة ، وفي اعتبار حكم بضرب المدة [ والعدة ] واعتبار طلاق الولي بعدها ثم تعتد بالأقراء إن طلق روايتان ، انتهى .

ذكر مسألتين :

( المسألة الأولى 8 ) هل يفتقر إلى رفع الأمر إلى الحاكم ليحكم بضرب المدة وعدة الوفاة أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمقنع والمحرر والشرح وشرح ابن منجى والرعاية الكبرى والنظم وغيرهم .

( إحداهما ) يفتقر إلى ذلك ، فيكون ابتداء المدة من حين ضربها الحاكم ، كمدة العنة ، جزم به في الوجيز ، وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وشرح ابن رزين [ ص: 546 ]

والرواية الثانية : لا يفتقر إلى ذلك ، بل ابتداء المدة من ابتداء الغيبة ، فلو مضت المدة والعدة حلت للأزواج ، قال الشيخ تقي الدين : لا يفتقر لحاكم ، على الأصح ، واختاره ابن عبدوس في تذكرته ، وقدمه في الرعاية الكبرى ، وهو الصواب ، وقال في الرعاية الكبرى : وعلى الأولى هل أول المدة منذ ضربها الحاكم أو منذ انقطع خبره ؟ على وجهين ، وقيل : هل أول المدة منذ غاب أو منذ ضربها الحاكم ؟ على روايتين ، انتهى .

( المسألة الثانية 9 ) هل يعتبر في ذلك طلاق الولي بعد انقضاء العدة أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في المستوعب والمغني والشرح

( إحداهما ) لا يعتبر ذلك ، وهو الصحيح ، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، قال الشيخ الموفق والشارح : هو القياس .

وقال ابن رزين : وهو أقيس ، وقدمه في الرعاية الكبرى ، وصححه في النظم ، قال ابن عقيل : لا يعتبر فسخ النكاح الأول ، على الأصح ، كضرب المدة ، انتهى .

( قلت ) : وهو الصواب .

والرواية الثانية : يعتبر طلاق وليه بعد اعتدادها للوفاة ، ثم تعتد بعد طلاق الولي بثلاثة قروء ، قدمه ابن رزين في شرحه ( قلت ) : وهو ضعيف جدا ، قال ابن نصر الله : فيلزمها عدتان ، ولا نظير له ، انتهى [ ص: 547 ]

( مسألة 10 و 11 ) قوله : فإن تركها ففي أخذه ما مهرها هو أو الثاني وفي رجوع الثاني عليها به روايتان ، انتهى ، ذكر مسألتين :

( المسألة الأولى 10 ) إذا تركها الأول للثاني فهل يأخذ ما مهرها هو أو ما مهر الثاني ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في الهداية والمستوعب والمغني والمقنع والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم .

( إحداهما ) يأخذ قدر صداقها الذي أعطاها هو ، وهو الصحيح ، صححه في التصحيح ، وابن نصر الله في حواشيه ، قال في القاعدة الرابعة والخمسين بعد المائة : هذا أصح الروايتين ، وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي ومنوره ونظم المفردات وغيرهم ، واختاره أبو بكر وغيره ، وقدمه في الخلاصة والكافي وشرح ابن رزين وغيرهم .

والرواية الثانية : يأخذ صداقها الذي أعطاها الثاني .

( المسألة الثانية 11 ) إذا أخذ الزوج الثاني المهر سواء كان قد المهر الأول أو الثاني فهل يرجع به على الزوجة أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والقواعد الفقهية وغيرهم [ ص: 548 ]

( إحداهما ) يرجع عليها ، جزم به في الوجيز وغيره ، وصححه ابن نصر الله في حواشيه ، وقدمه في الخلاصة وشرح ابن رزين ، وهو الصواب .

والرواية الثانية : لا يرجع عليها ، قال في المغني : وهو أظهر .

( تنبيه )

قوله : وقال شيخنا : هي زوجة الثاني ظاهرا وباطنا وترثه ذكره أصحابنا ، وهل ترث الأول ؟ قال أبو جعفر : ترثه ، وخالفه غيره ، انتهى .

يحتمل أن يكون هذا من تتمة كلام الشيخ تقي الدين ، وهو الظاهر ، ويحتمل أن يكون من كلام المصنف ، وعلى كل تقدير الصحيح من المذهب أنها لا ترثه ، كما قاله غير الشريف أبي جعفر ، وقوله : قال أبو جعفر : ترثه ، قال ابن نصر الله في حواشيه : صوابه أبو حفص : [ ص: 549 ]

( مسألة 12 ) قوله : وإن بان موته وقت الفرقة ولم يجز التزويج ففي صحته وجهان ، انتهى . ذكرهما القاضي .

( أحدهما ) لا يصح ، وهو الصحيح من المذهب ، اختاره الشيخ الموفق والشارح وغيرهما ( قلت ) : وقواعد المذهب تقتضيه ، ولها نظائر كثيرة .

( والوجه الثاني ) يصح ، لأنه صادف محلا .

( مسألة 13 ) قوله : ومتى قيل : لا تتزوج فتزوجت وأنفق لم يرجع ، فإن أجبره عليها حاكم احتمل رجوعه ، لعدم وجوبها ، واحتمل لا ، لأن الحكم لا ينقض ما لم يخالف نصا أو إجماعا ، انتهى .

( قلت ) : الصواب عدم الرجوع لحكم الحاكم .

( تنبيهان ) :

( الأول ) قال ابن نصر الله في حواشيه : لعل محل الاحتمالين إذا أجبره على الإنفاق من غير تعرض للنكاح بالحكم بصحته ، فإذا حكم حاكم ببطلانه توجه الاحتمالان ، أما لو حكم بصحة النكاح والإنفاق لم يتوجه احتمال الرجوع ، انتهى . وهو كما قال

التالي السابق


الخدمات العلمية