صفحة جزء
فصل ومن أسر أسيرا حرم على الأصح قتله إن أمكنه أن يأتي به الإمام بضربه أو غيره ، وعنه التوقف في المريض ، وفيه وجهان ( م 4 ) ونقل [ ص: 212 ] أبو طالب : لا يخليه ولا يقتله ، ويحرم قتل أسير غيره ، ولا شيء عليه ، نص عليه .

واختار الآجري لرجل قتله للمصلحة ، كقتل بلال أمية بن خلف أسير عبد الرحمن بن عوف أعانه عليه الأنصار ، وقال : من قتل أسيرا فلا شيء عليه ، وإن قتل امرأة أو صبيا عاقبه الأمير وغرم ثمنه غنيمة .

وقال أبو داود : ( باب الأسير ينال منه ويضرب ) ثم روى حديث أنس { : لما انطلق النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه إلى بدر ، فإذا هو بروايا قريش فيها عبد أسود لبني الحجاج ، فأخذه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلوا يسألونه : أين أبو سفيان ؟ فيقول : والله ما لي بشيء من أمره علم ، ولكن هذه قريش قد جاءت ، فإذا قال لهم ذلك ضربوه } ، وذكر الحديث ، وهو صحيح . قال الخطابي : فيه جواز ضرب الأسير الكافر إذا كان في ضربه طائل .


[ ص: 211 ] مسألة 4 ) قوله : " ومن أسر أسيرا حرم على الأصح قتله إن أمكن أن يأتي به الإمام بضربه أو غيره ، وعنه الوقف في المريض ، وفيه وجهان " .

اعلم أن الأسير إذا عجز عن الذهاب لمرض ونحوه فالصحيح من المذهب أنه يقتله ، اختاره الشيخ في المغني ، والشارح وابن رزين وغيرهم ، وصححه في الخلاصة وغيره ، وهو ظاهر ما قطع به في المقنع والوجيز وغيرهما ، وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين [ ص: 212 ] والحاويين وغيرهم ، وعنه التوقف فيه ، واقتصر عليها في الفصول ، وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب .

( تنبيهان ) :

( الأول ) الذي يظهر أن في كلام المصنف هنا نقصا بعد قوله " بضربه أو غيره " وتقديره ، " وإن لم يمكنه لامتناع مرض أو غيره قتله " ، وبهذا صرح الأصحاب وهو واضح .

( الثاني ) قوله " وعنه الوقف في المريض وفيه وجهان " ظاهره أن في المريض وجهين : القتل ، وتركه ، والأصحاب قد صرحوا أن فيه روايتين ، وصححوا القتل ، فيحتمل أن قوله " وفيه وجهان " عائد إلى الوقف ، يعني في توقف أحمد وجهان للأصحاب ، وهذا صحيح ، لكن كون هذا مراده هنا فيه بعد ، ويحتمل أن يكون هنا نقص أيضا وتقديره " وقيل فيه وجهان " فالنقص قيل ، ويقوي هذا قوله في الرعاية الكبرى ، " وعنه : الوقف فيه " وقيل : يحتمل وجهين : " تركه وقتله " ، انتهى ، فيكون فيه طريقان فيما يظهر ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية