صفحة جزء
[ ص: 415 ] فصل ولا يلزم الوفاء بالوعد ، نص عليه ( و هـ ش ) لأنه يحرم بلا استثناء ، لقوله تعالى { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله } ولأنه في معنى الهبة قبل القبض . وذكر شيخنا وجها : يلزم ، واختاره ، ويتوجه أنه رواية من تأجيل العارية والصلح عن عوض المتلف بمؤجل ، ولما قيل للإمام أحمد : بم يعرف الكذابون ؟ قال بخلف المواعيد وهذا متجه ، وقاله من الفقهاء ابن شبرمة .

وقال ابن العربي المالكي : أجل من قاله عمر بن عبد العزيز لقوله { كبر مقتا عند الله } الآية ، ولخبر { آية المنافق ثلاث إذا وعد أخلف } وحملا على وعد واجب وبإسناد حسن { العدة عطية } وبإسناد ضعيف { العدة دين } وذكر أبو مسعود الدمشقي والبرقاني أن مسلما روى { ولا يعد الرجل صبيه ثم يخلفه } ورواه ابن ماجه من حديث ابن مسعود بإسناد حسن { ثم لا يفي له } ، { فإن [ ص: 416 ] الكذب يهدي إلى الفجور } وفيه { والسعيد من وعظ بغيره } وفيه عبيد بن ميمون المدني ، روى عنه غير واحد ، ووثقه ابن حبان ، وقال أبو حاتم : مجهول .

وعن ابن عباس مرفوعا { لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده ثم تخلفه } رواه الترمذي وغيره . قال ابن الجوزي : فائدة الاستثناء خروجه من الكذب إذا لم يفعل كقوله { ستجدني إن شاء الله صابرا } وذكر القاضي في مسألة الفرار من الزكاة لما قيل له : إن أصحاب الجنة عوقبوا على ترك الاستثناء في القسم ، قال : لا ، لأنه مباح ، وعلى أن الوعيد عليهما . ومذهب ( م ) : يلزم لسبب ، كمن قال لغيره تزوج وأعطيك كذا ، واحلف لا تشتمني ولك كذا ، وإلا لم يلزم . وقد روى أبو داود والترمذي عن أبي النعمان عن أبي وقاص ولا يعرفان عن زيد بن أرقم مرفوعا { إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي فلم يف ولم يجئ للميعاد فلا إثم عليه } وتقدم آخر كتاب الأيمان العهد وأنه غير الوعد ، ويكون بمعنى اليمين والأمان والذمة والحفظ والرعاية والوصية وغير ذلك ، وفي سيد الاستغفار { وإنا على عهدك ووعدك ما استطعت } قال ابن الجوزي : قال المفسرون : العهد الذي يجب الوفاء به الذي يحسن فعله ، والوعد من العهد .

وقال في { وأوفوا بالعهد } : عام فيما بينه وبين ربه وبين الناس ، ثم قال الزجاج : كل ما أمر الله به أو نهى عنه فهو من العهد .

التالي السابق


الخدمات العلمية