صفحة جزء
باب صلاة التطوع التطوع في الأصل فعل الطاعة ، وشرعا وعرفا طاعة غير واجبة والنفل والنافلة الزيادة ، والتنفل التطوع أفضل تطوعات البدن الجهاد ، أطلقه الإمام والأصحاب رحمهم الله فالنفقة فيه أفضل ، ونقل جماعة الصدقة على قريبه المحتاج أفضل مع عدم حاجته إليه ، ذكره الخلال وغيره ، وعن خريم بن فاتك مرفوعا { من أنفق نفقة في سبيل الله كتبت بسبعمائة ضعف } رواه أحمد والنسائي والترمذي ، وحسنه وابن حبان في صحيحه ، وترجم عليه ذكر ( تضعيف النفقة في سبيل الله على غيره من الطاعات ) .

ولأحمد وغيره { من عمل حسنة كانت له بعشر أمثالها ، ومن أنفق نفقة في سبيل الله كانت له بسبعمائة ضعف } ، وعن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة مرفوعا { أفضل الصدقات ظل فسطاط في سبيل الله ، ومنيحة خادم في سبيل الله ، أو طروقة فحل في سبيل الله } القاسم تكلم فيه ، رواه الترمذي .

وقال حسن صحيح غريب وقيل رباط أفضل من جهاد ، وحكي رواية ، ونقل ابن هانئ أن أحمد قال لرجل أراد الثغر أقم أقم على أختك أحب إلي ، أرأيت إن حدث بها حدث من يليها ؟ ونقل حرب أنه قال لرجل له مال كثير : أقم على ولدك وتعاهدهم أحب إلي ، ولم يرخص له ، يعني في غزو غير محتاج إليه .

وقال شيخنا ، واستيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلا ونهارا أفضل من جهاد لم يذهب فيه نفسه وماله ، وهي في غيره تعدله ، للأخبار الصحيحة [ ص: 523 ] المشهورة ، وقد رواها أحمد ، ولعل هذا مراد غيره ، وقال : العمل بالقوس والرمح أفضل في الثغر .

وفي غيره نظيرها ، وفي المتفق عليه عن أبي هريرة مرفوعا { الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ، وأحسبه قال : وكالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر } وفي لفظ للبخاري { أو كالذي يصوم النهار ويقوم الليل } قال ابن هبيرة : المجاهد في سبيل الله له مع أجر الجهاد كأجر الصائم القائم ، مضافا إلى فضيلة الجهاد كذا قال ، وقد روى أحمد عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن سعيد عن أبي هند عن زياد بن أبي زياد مولى ابن عباس عن أبي بحرية عبد الله بن قيس عن أبي الدرداء مرفوعا { ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ، ويضربوا أعناقكم ؟ ؟ قالوا : وما هو يا رسول الله ؟ ؟ قال ذكر الله } إسناد جيد رواه الترمذي وابن ماجه ، ولأحمد معناه من حديث معاذ ، وفيه انقطاع ورواهما مالك موقوفين ، وسأله أبو داود : يوم العيد بالثغر قوم لحفظ الدروب ، وقوم يصلونها أيما أحب إليك ، قال كل ، وعنه العلم : تعلمه وتعليمه أفضل من الجهاد وغيره ( و هـ م ) نقل مهنا " طلب العلم أفضل الأعمال لمن صحت نيته " ، قيل فأي شيء تصحيح النية ؟ ؟ قال : ينوي بتواضع ، وينفي عنه الجهل .

وقال لأبي داود : شرط النية شديد ، حبب إلي فجمعته ، وسأله ابن هانئ : يطلب الحديث بقدر ما يظن أنه قد انتفع به ، قال : العلم لا يعدله شيء ، ونقل ابن منصور إن تذاكر [ ص: 524 ] بعض ليلة أحب إلى أحمد من إحيائها وإنه العلم الذي ينتفع به الناس في أمر دينهم ، قلت : الصلاة ، والصوم والحج ، والطلاق ونحو هذا ؟ قال نعم ، قال شيخنا : من فعل هذا أو غيره ومما هو خير في نفسه لما فيه من المحبة له ، لا لله ولا لغيره من الشركاء ، فليس مذموما ، بل قد يثاب بأنواع من الثواب : إما بزيادة فيها وفي أمثالها ، فيتنعم بذلك في الدنيا ، ولو كان كل فعل حسن لم يفعل لله مذموما لما أطعم الكافر بحسناته في الدنيا ، لأنها تكون سيئات وقد يكون من فوائد ذلك وثوابه في الدنيا أن يهديه الله إلى أن يتقرب بها إليه ، وهذا معنى قول بعضهم : طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله ، وقول الآخر : طلبهم له نية ، يعني " نفس طلبه حسنة تنفعهم " ، وهذا قيل في العلم لأنه الدليل المرشد ، فإذا طلبه بالمحبة وحصله وعرفه ، بالإخلاص فالإخلاص لا يقع إلا بالعلم ، فلو كان طلبه لا يكون إلا بالإخلاص لزم الدور ، وعلى هذا ما حكاه أحمد ، وهو حال النفوس المحمودة ، ومن هذا قول خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم : كلا ، والله لا يخزيك الله ، ، فعلمت أن النفس المطبوعة على محبة الأمر المحمود وفعله لا يوقعه الله فيما يضاد ذلك . وفي الفنون : إذا أنعم الله على عبد نعمة أحب أن يظهر عليه أثرها ، ومما أنعم الله علي أن حبب إلي العلم ، فهو أسنى الأعمال ، وأشرفها ، واختاره غيره أيضا

التالي السابق


الخدمات العلمية