البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
( قوله ثم إلى مزدلفة بعد الغروب ) أي ثم رح كما ثبت في صحيح مسلم من فعله عليه السلام ، وهذا بيان للواجب حتى لو دفع قبل الغروب وجاوز حدود عرفة لزمه دم .

وأشار إلى أن الإمام لو أبطأ بالدفع بعد الغروب فإن الناس يدفعون ; لأنه لا موافقة في مخالفة السنة ، ولو مكث بعد الغروب وبعد دفع الإمام وإن كان قليلا لخوف الزحام فلا بأس به وإن كان كثيرا كان مسيئا لمخالفة السنة ، والأفضل أن يمشي على هينته ، وإذا وجد فرجة أسرع ، ويستحب أن يدخل مزدلفة ماشيا ، وأن يكبر ويهلل ويحمد ويلبي ساعة فساعة .

( قوله وانزل بقرب جبل قزح ) يعني المشعر الحرام وهو غير منصرف للعدل والعلمية كعمر من قزح الشيء ارتفع يقال إنه كانون آدم عليه السلام وهو موقف الإمام ، كما رواه أبو داود ولا ينبغي النزول على الطريق ولا الانفراد على الناس فينزل عن يمينه أو يساره ، ويستحب أن يقف وراء الإمام كالوقوف بعرفة .

( قوله وصل بالناس العشاءين بأذان وإقامة ) أي المغرب والعشاء جمع تأخير لرواية مسلم عن ابن عمر { أنه عليه السلام أذن للمغرب بجمع فأقام ثم صلى العشاء بالإقامة الأولى } .

وأشار إلى أنه لا تطوع بين الصلاتين ولو سنة مؤكدة على الصحيح ، ولو تطوع بينهما أعاد الإقامة كما لو اشتغل بينهما بعمل آخر وفي الهداية ، وكان ينبغي أن يعاد الأذان كما في الجمع الأول إلا أنا اكتفينا بإعادة الإقامة لما روي أن { النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب بمزدلفة ثم تعشى ثم أفرد الإقامة بالعشاء } وإلى أن هذا الجمع لا يختص بالمسافر ; لأنه جمع بسبب النسك فيجوز لأهل مكة ومزدلفة ومنى وغيرهم وإلى أن هذا الجمع لا يشترط فيه الإمام كما شرط في الجمع المتقدم ; لأن العشاء تقع أداء في وقتها ، والمغرب قضاء ، والأفضل أن يصليهما مع الإمام بجماعة وينبغي أن يصلي الفرض قبل حط رحله بل ينيخ جماله ويعقلها ، وهذه ليلة جمعت شرف المكان والزمان فينبغي أن يجتهد في إحيائها بالصلاة والتلاوة والذكر والتضرع .


( قوله والمغرب قضاء ) دفعه في النهر بما في السراج أنه ينوي في المغرب الأداء لا القضاء . ا هـ .

قلت : ويدل عليه كلام المؤلف الآتي ، ولما كان وقت هاتين الصلاتين وقت العشاء إلخ ، وكذا ما يأتي من أن الدليل الظني أفاد تأخير وقت المغرب أي عدم خروجه بدخول وقت العشاء في خصوص هذه الليلة . ( قوله وهذه ليلة جمعت شرف الزمان والمكان ) قال في النهر وقد وقع السؤال في شرفها على ليلة الجمعة وقد كنت ممن مال إلى ذلك ثم رأيت في الجوهرة أنها أفضل ليالي السنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية