البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
[ ص: 371 ] ( باب اليمين في الطلاق والعتاق ) .

قال المصنف في الكافي : الأصل في هذا الباب أن الولد الميت ولد في حق غيره لا في حق نفسه ، وأن الأول اسم لفرد سابق والأخير لفرد لاحق والوسط لفرد بين العددين المتساويين ، وأن الشخص الواحد متى اتصف بواحد من هذه الثلاثة فلا يتصف بالآخر للتنافي بينهما ، ولا كذلك الفعل ; لأن اتصافه بالأولية لا ينافي اتصافه بالآخرية ; لأن الفعل الثاني غير الأول فلو قال آخر تزوج أتزوج فالتي أتزوجها طالق طلقت المتزوجة مرتين ; لأنه جعل الآخر وصفا للفعل وهو العقد ، وعقدها هو الآخر كما سيأتي بيانه قوله ( إن ولدت فأنت كذا حنث بالميت بخلاف فهو حر فولدت ولدا ميتا ثم آخر حيا عتق الحي وحده ) أي لو قال لامرأته إن ولدت فأنت طالق أو قال لأمته إن ولدت فأنت حرة فولدت ولدا ميتا طلقت المرأة ، وعتقت الجارية ; لأن الموجود مولود فيكون ولدا حقيقة ويسمى به في العرف ويعتبر ولدا في الشرع حتى تنقضي به العدة والدم بعده نفاس ، وأمه أم ولد فيتحقق الشرط ، وهو ولادة الولد بخلاف ما لو قال لأمته إذا ولدت ولدا فهو حر فولدت ولدا ميتا ثم آخر حيا عتق الحي وحده عند أبي حنيفة ، وقالا لا يعتق واحد منهما ; لأن الشرط قد تحقق بولادة الميت على ما بينا فتنحل اليمين لا إلى جزاء ; لأن الميت ليس بمحل للحرية ، وهو الجزاء ولأبي حنيفة أن مطلق الاسم قد تقيد بوصف الحياة ; لأنه قصد إثبات الحرية جزاء ، وهي قوة حكمية تظهر في دفع تسليط الغير فلا يثبت في الميت فيتقيد بوصف الحياة كما إذا قال إذا ولدت ولدا حيا بخلاف جزاء الطلاق وحرية الأم ; لأنه لا يصلح مقيدا .

وأشار المصنف إلى أنه لو قال أول ولد تلدينه فهو حر أنه يتقيد بوصف الحياة عنده حتى لو ولدت ولدا ميتا ثم آخر حيا عتق الحي ، وعندهما لا يعتق ، وأما إذا قيده بالحياة نصا فإنه يعتق الحي اتفاقا ، وإلى أنه لو قال أول عبد يدخل علي فهو حر فأدخل عليه عبد ميت ثم آخر حي فإنه يعتق الآخر الحي ، وهو بالإجماع على الصحيح والعذر لهما أن العبودية بعد الموت لا تبقى ; لأن الرق يبطل بالموت بخلاف الولد أو الولادة ، وأشار بالمسألة الأولى إلى أنها لو أسقطت سقطا مستبين الخلق فإنها تطلق وتعتق ; لأنه ولد شرعا ، ولو لم يستبن شيء من خلقه لا يعتبر ، وتقدم حكمه في الحيض .


التالي السابق


الخدمات العلمية