صفحة جزء
2450 باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها إذا كان لها زوج ، فهو جائز إذا لم تكن سفيهة ، فإذا كانت سفيهة لم يجز ; قال الله تعالى : ولا تؤتوا السفهاء أموالكم


أي : هذا باب في بيان حكم هبة المرأة لغير زوجها إن وهبت شيئا لغير زوجها .

قوله ( وعتقها ) عطف على قوله " هبة المرأة " ; أي حكم عتق المرأة جاريتها .

قوله ( إذا كان لها زوج ) ليست للشرط ، بل ظرف لما تقدم ; لأن الكلام فيما إذا كان لها زوج وقت الهبة أو العتق ، أما إذا لم يكن لها زوج فلا نزاع في جوازه .

قوله ( فهو ) ; أي المذكور من الهبة والعتق جائز إذا لم تكن المرأة سفيهة وهي ضد الرشيدة ، والرشيدة من صلح دينها ودنياها .

قوله ( وقال الله تعالى : ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ، ذكر هذا في معرض الاستدلال ، وقال سعيد بن جبير ومجاهد والحكم : السفهاء الذين ذكرهم الله عز وجل هنا اليتامى والنساء . وعن الحسن : المرأة والصبي . وفي لفظ : الصغار والنساء أسفه السفهاء . وفي لفظ : ابنك السفيه وامرأتك السفيهة . وقد ذكر أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال : اتقوا الله في الضعيفين ; اليتيم والمرأة . وقال ابن مسعود : النساء والصبيان . وقال السدي : الولد والمرأة . وقال الضحاك : الولد والنساء أسفه السفهاء ، فيكونوا عليكم أربابا . وعن ابن عباس : امرأتك وبنتك . قال : وأسفه السفهاء الولدان والنساء . قال الطبري : وقال غير هؤلاء إنهم الصبيان خاصة ، قاله ابن جبير [ ص: 151 ] والحسن . وقال آخرون : بل عنى بذلك السفهاء من ولد الرجل ، منهم أبو مالك وابن عباس وأبو موسى وابن زيد بن أسلم . وقال آخرون : بل عنى بذلك النساء خاصة ، فذكر المعتمر بن سليمان عن أبيه قال : زعم حضرمي أن رجلا عمد فدفع ماله إلى امرأته فوضعته في غير الحق ، فقال الله عز وجل :ولا تؤتوا السفهاء أموالكم وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا صدقة بن خالد ، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إن النساء السفهاء ، إلا التي أطاعت قيمها . ورواه ابن مردويه مطولا ، وقال ابن أبي حاتم : ذكره عن مسلم بن إبراهيم ، حدثنا حرب بن شريح ، عن معاوية بن قرة ، عن أبي هريرة " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : الخدم ، وهم شياطين الإنس ، وهم الخدم . وفي التوضيح : من قال عنى بالسفهاء النساء خاصة فإنه حمل اللفظ على غير وجهه ، وذلك لأن العرب لا تكاد تجمع فعيلا على فعلاء إلا في جمع الذكور أو الذكور والإناث ، فأما إذا أرادوا جمع الإناث خاصة لا ذكور معهن جمعوه على فعائل وفعيلات مثل غريبة تجمع على غرائب وغريبات ، فأما الغرباء فهو جمع غريب . قال : وكأن البخاري أراد بالتبويب وما فيه من الأحاديث الرد على من خالف ذلك ، روى حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لما فتح مكة : لا يجوز عطية امرأة في مالها إلا بإذن زوجها . أخرجه النسائي .

وقد اختلف العلماء في المرأة المالكة لنفسها الرشيدة ذات الزوج على قولين ; أحدهما : أنه لا فرق بينها وبين البالغ الرشيد في التصرف ، وهو قول الثوري والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي .

والقول الآخر : لا يجوز لها أن تعطي من مالها شيئا بغير إذن زوجها ، روي ذلك عن أنس وطاوس والحسن البصري ، وقال الليث : لا يجوز عتق المزوجة وصدقتها إلا في الشيء اليسير الذي لا بد منه من صلة الرحم أو ما يتقرب به إلى الله تعالى . وقال مالك : لا يجوز عطاؤها بغير إذن زوجها إلا من ثلث مالها خاصة قياسا على الوصية .

التالي السابق


الخدمات العلمية