صفحة جزء
3761 31 - حدثني عبد الله بن محمد ، حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا أبو إسحاق ، عن حميد ، قال : سمعت أنسا - رضي الله عنه - يقول : أصيب حارثة يوم بدر ، وهو غلام ، فجاءت أمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، قد عرفت منزلة حارثة مني ، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب ، وإن تك الأخرى ترى ما أصنع ، فقال : ويحك ، أوهبلت ؟ أوجنة واحدة هي ؟ إنها جنان كثيرة ، وإنه في جنة الفردوس .


مطابقته للترجمة ظاهرة .

ومعاوية بن عمرو بن المهلب الأزدي بالزاي البغدادي ، روى عنه البخاري بلا واسطة في الجمعة في باب إذا نفر الناس ، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري ، أحد الأعلام ، قال أبو حاتم : ثقة مأمون إمام ، مات بالمصيصة سنة ست وثمانين ومائة .

والحديث مضى في كتاب الجهاد من حديث قتادة عن أنس .

قوله: " أصيب حارثة " بالحاء المهملة والراء والثاء المثلثة ابن سراقة بضم السين المهملة الأنصاري ، وهو أول قتيل قتل من الأنصار ببدر ، وكان خرج نظارا وهو غلام ، فرماه حبان بن العرقة بسهم وهو يشرب من الحوض فقتله . قوله : " أمه " هي الربيع بضم الراء وفتح الباء الموحدة وتشديد الياء آخر الحروف وبالعين المهملة بنت النضر عمة أنس بن مالك . قوله : " ترى " ويروى " تر " بالجزم ، وهو مثل قوله تعالى : أينما تكونوا يدرككم الموت قرئ بالرفع فقيل : هو على حذف الفاء ، كأنه قيل : فيدرككم . قوله : " ويحك " هو كلمة ترحم وإشفاق ، وقال الداودي : هو توبيخ . قوله : " أوهبلت ؟ " الهمزة فيه للاستفهام والواو مفتوحة للعطف على مقدر ، ولقد غلط صاحب التوضيح فقال : أوهبلت بلفظ صيغة المعلوم والمجهول ، فقيل : صيغة المجهول رواية أبي الحسن ، وصيغة المعلوم رواية أبي ذر من قولهم : هبلته ، أي : ثكلته ، وهبله اللحم أي : غلب عليه ، وقيل : [ ص: 95 ] هذا اللفظ قد يرد بمعنى المدح والإعجاب ، وقال الداودي : معناه أجهلت ، ورد عليه بأنه لم يقع عند أحد من أهل اللغة بهذا المعنى . قوله : " أوجنة " كذلك الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الإنكار ، والواو للعطف . قوله : " هي " في محل الرفع على الابتداء وخبره محذوف تقديره : هي جنة واحدة ، والهمزة فيه مقدرة تقديره : أهي جنة واحدة ، يعني ليست بجنة واحدة ، إنها جنان ، وهو جمع تكسير ، ويجمع على جنات أيضا ، وهو جمع قلة . قوله : " وإنه " أي : وإن حارثة في جنة الفردوس ، وهو أوسط الجنة وأعلاها ، ومنه يتفجر أنهار الجنة ، والفردوس البستان ، قال الفراء : عربي ، وقيل : بلسان الروم ، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية