صفحة جزء
3778 48 - حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، أخبرني عروة بن الزبير ، عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أبا حذيفة ، وكان ممن شهد بدرا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبنى سالما وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة ، وهو مولى لامرأة من الأنصار ، كما تبنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيدا ، وكان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس إليه وورث من ميراثه ، حتى أنزل الله تعالى : ادعوهم لآبائهم فجاءت سهلة النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث .


ذكره هنا لأجل قوله : وكان ممن شهد بدرا ، ورجاله قد ذكروا غير مرة ، والحديث من أفراده .

قوله : " أن أبا حذيفة " بضم الحاء المهملة وفتح الذال المعجمة وسكون الياء آخر الحروف ، يقال : اسمه مهشم بالشين المعجمة ، ويقال : هشيم بضم الهاء ، ويقال : هاشم ، والأكثر على أنه هشام بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي ، كان من فضلاء الصحابة من المهاجرين الأولين ، وهاجر الهجرتين وصلى القبلتين ، وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية والمشاهد كلها ، وقتل يوم اليمامة شهيدا ، وهو ابن ثلاث أو أربع وخمسين سنة .

قوله : " تبنى سالما " أي : ادعى أنه ابنه ، وكان ذلك قبل نزول قوله تعالى : ادعوهم لآبائهم وسالم كان ابن معقل بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر القاف ، وقيل : هو ابن عبيد مصغرا ، وفي الاستيعاب : كان سالم عبد الثبيتة بضم الثاء المثلثة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفتح التاء المثناة من فوق ، بنت يعار بالياء آخر الحروف والعين المهملة والراء ، الأنصارية ، زوج أبي حذيفة ، فأعتقته فانقطع إلى أبي حذيفة فتبناه . قوله : " وأنكحه " أي : زوجه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة ، وكذا رواه أبو داود والنسائي وقالا : هند بنت الوليد ، وكذا سماها الزبير ، وخالفهم مالك فأخرجه في موطئه من طريق الزهري أيضا عن عروة عن عائشة ، وسماها فاطمة بنت الوليد ، وكذا قاله أبو عمر تقليدا لمالك ، ولم يذكر ابن سعد ولا أبو عمر في الصحابة هند بنت الوليد ، ولم يذكر ابن سعد مرة فاطمة بنت الوليد ، بل ذكر عمتها فاطمة بنت عتبة ، وأنها التي تزوج بها سالم ، قال الدمياطي : ولا أظنه صحيحا ، وقد ذكر ابن منده في الصحابة عن أبي بكر بن الحارث عن فاطمة بنت الوليد أنها كانت بالشام تلبس الثياب من ثياب الخز ، ثم تأتزر ، فقيل لها : أما يغنيك هذا عن الإزار ؟ فقالت : إني سمعت رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - يأمر بالإزار ، وفي معجم الذهبي فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة زوج سالم مولى أبي حذيفة من المهاجرات ، تزوجها بعد سالم الحارث بن هشام فيما زعم إسحاق الفروي ، وليس بشيء ، ثم قال : فاطمة بنت الوليد المخزومية أخت خالد ، بايعت يوم الفتح ، وهي [ ص: 109 ] زوج ابن عمها الحارث بن هشام . قوله : " وهو مولى لامرأة من الأنصار " أي : سالم مولى لامرأة وهي ثبيتة المذكورة آنفا ( فإن قلت ) : قد مضى في فضائل الصحابة باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة ، وبينه وبين قوله : " هنا " تفاوت ( قلت ) : النسبة إلى أبي حذيفة إنما كانت بأدنى ملابسة ، فهو إطلاق مجازي . قوله : " كما تبنى رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - زيد بن حارثة الكلبي " من بني عبدود ، وكان عبدا لرسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - فأعتقه وتبناه قبل الوحي بالآية المذكورة ، وآخى بينه وبين حمزة بن عبد المطلب - رضي الله تعالى عنه - في الإسلام ، فجعل الفقير أخا للغني ليعود عليه ، فلما تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش الأسدي ، وكانت تحت زيد بن حارثة ، قالت اليهود والمنافقون : تزوج محمد امرأة ابنه وينهى الناس عنها ، فأنزل الله هذه الآية ، أعني قوله : ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله قوله : " فجاءت سهلة " بفتح السين المهملة وسكون الهاء بنت سهيل بن عمرو العامرية ، هاجرت مع زوجها أبي حذيفة بن عتبة المذكور ، ولما جاءت سهلة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : يا رسول الله ، إنا كنا نرى سالما ولدا ، وقد أنزل الله تعالى فيه ما قد علمت ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أرضعيه ، فأرضعته خمس رضعات ، فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة ، هذا لفظ أبي داود ، وفي رواية النسائي : فجاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إني لأرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم علي ، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أرضعيه ، قلت : إنه ذو لحية ، فقال : أرضعيه يذهب ما في وجه أبي حذيفة ، قالت : والله ما عرفته في وجه أبي حذيفة ، وفي رواية له : أرضعيه تحرمي عليه ، فأرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة - رضي الله تعالى عنه - .

التالي السابق


الخدمات العلمية