صفحة جزء
3804 ومخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم في دية الرجلين ، وما أرادوا من الغدر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - .


ومخرج بالجر عطف على حديث بني النضير ، أي : وفي بيان خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مصدر ميمي . قوله : " إليهم " أي : إلى بني النضير . قوله : " في دية الرجلين " كلمة في هنا للتعليل ، أي : كان خروجه إليهم بسبب دية الرجلين ، وذلك كما في قوله تعالى : فذلكن الذي لمتنني فيه وفي الحديث : امرأة دخلت النار في هرة ، وكان الرجلان المذكوران من بني عامر ، قاله ابن إسحاق ، وقال ابن هشام : من بني كلاب ، وذكر أبو عمر أنهما من سليم فخرجا من المدينة ونزلا في ظل فيه عمرو بن أمية الضمري ، وكان معهما عقد وعهد من النبي - صلى الله عليه وسلم - وجوار ، ولم يعلم به عمرو ، وقد سألهما حين نزلا : ممن أنتما ؟ فقالا : من بني عامر ، فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما فقتلهما ، ولما قدم عمرو على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره قال : لقد قتلت قتيلين ، لأودينهما ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني النضير مستعينا بهم في دية القتيلين ، قال ابن إسحاق : وكان بين بني النضير وبني عامر حلف وعقد ، فقالوا : نعم يا أبا القاسم ، نعينك ، ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا : إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد ، فمن رجل يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه ، فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بكسر الجيم وتخفيف الحاء المهملة وبالشين المعجمة ابن كعب ، أحدهم ، فقال : أنا لذلك ، فصعد ليلقي عليه صخرة ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر فيهم أبو بكر وعمر وعلي ، وزاد أبو نعيم الزبير وطلحة وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير وسعد بن عبادة رضي الله تعالى عنهم ، قال ابن إسحاق : فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء بما أراد القوم ، فقام وخرج راجعا إلى المدينة ، وهذا معنى قوله : " وما أرادوا " أي : وفي بيان ما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال ابن سعد : خرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعينهم يوم السبت في شهر ربيع الأول على رأس سبعة وثلاثين شهرا من الهجرة بعد غزوة الرجيع ، وأن ابن جحاش لما هم بما هم به قال سلام بن مشكم : لا تفعلوا ، والله ليخبرن بما هممتم ، وإنه لينقض العهد بيننا وبينه ، وبعث إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - محمد بن مسلمة أن اخرجوا من بلدي ولا تساكنوني بها ، وقد [ ص: 126 ] هممتم بما هممتم به من الغدر ، وقد أجلتكم عشرا ، فمن رئي بعد ذلك فقد ضربت عنقه ، فمكثوا أياما يتجهزون ، فأرسل إليهم ابن أبي فثبطهم ، فأرسلوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إنا لا نخرج فاصنع ما بدا لك ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : الله أكبر ، حاربت يهود ، فخرج إليهم - صلى الله عليه وسلم - فاعتزلتهم قريظة فلم تعنهم ، وخذلهم ابن أبي وحلفاؤهم من غطفان ، فحاصرهم خمسة عشر يوما ، وقال ابن الطلاع : ثلاثة وعشرين يوما ، وعن عائشة - رضي الله تعالى عنها - : خمسة وعشرين يوما ، وقال ابن سعد : ثم أجلاهم فتحملوا على ستمائة بعير ، وكانت صفيا له حبسا لنوائبه ولم يخمسها ولم يسهم منها لأحد إلا لأبي بكر وعمر وابن عوف وصهيب بن سنان والزبير بن العوام وأبي سلمة بن عبد الأسد وأبي دجانة ، وقال ابن إسحاق : فاحتملوا إلى خيبر وإلى الشام ، وقال : فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنهم خلوا الأموال من الخيل والمزارع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة ، وقال ابن إسحاق : لم يسلم منهم إلا يامين بن عمير وأبو سعيد ابن وهب فأحرزا أموالهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية