صفحة جزء
3915 176 - حدثني بشر بن خالد ، أخبرنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن أبي الضحى ، عن مسروق قال : دخلنا على عائشة رضي الله عنها وعندها حسان بن ثابت ينشدها شعرا يشبب بأبيات له ، وقال


حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

[ ص: 212 ] فقالت له عائشة : لكنك لست كذلك ، قال مسروق : فقلت لها : لم تأذني له أن يدخل عليك ، وقد قال الله تعالى : والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم فقالت : وأي عذاب أشد من العمى ؟ قالت له : إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .


مطابقته للترجمة مثل ما ذكرنا في الحديث الماضي ، وبشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة - ابن خالد أبو محمد العسكري الفرائضي ، وهو شيخ مسلم أيضا ، ومحمد بن جعفر ، وهو الملقب بغندر ، وسليمان هو الأعمش ، وأبو الضحى بضم الضاد المعجمة اسمه مسلم بن صبيح الكوفي ، والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن محمد بن بشار ، وعن محمد بن يوسف ، وأخرجه مسلم في الفضائل ، عن بشر بن خالد ، وعن محمد بن مثنى .

قوله : " يشبب " بالشين المعجمة من التشبيب ، وهو ذكر الشاعر ما يتعلق بالغزل ونحوه ، قوله : " حصان " ... إلى آخره ، وهو من قصيدة من الطويل ، وحصان بفتح الحاء أي عفيفة تمتنع من الرجال ، قوله : " رزان " بفتح الراء وتخفيف الزاي ، أي صاحبة الوقار ، وقيل : يقال : امرأة رزان إذا كانت رزينة في مجلسها ، والرزان والثقال بمعنى واحد ، وهي قليلة الحركة ، وكلاهما على وزن فعال بفتح الفاء ، وهو يكثر في أوصاف المؤنث وفي الأعلام ، قوله : " ما تزن " بضم التاء المثناة من فوق وفتح الزاي وتشديد النون ، أي ما تتهم بريبة ، يقال : أزننت الرجل إذا اتهمته بريبة ، والريبة بكسر الراء التهمة ، قوله : " غرثى " بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وبالثاء المثلثة ، أي جائعة يعني لا تغتاب الناس ; إذ لو كانت مغتابة لكانت آكلة من لحم أخيها ، فتكون شبعانة لا جوعانة ، ويقال : رجل غرثان وامرأة غرثى ، ويقال : وتصبح غرثى ، أي خميصة البطن من لحوم الغوافل ، وهن العفيفات ، قال تعالى : إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات جعلهن الله تعالى غافلات ; لأن الذي رمين به من الشر لم يهمن به قط ولا خطر على قلوبهن ، فهن في غفلة عنه ، وهذا أبلغ ما يكون من الوصف بالعفاف ، قوله : " لكنك لست كذلك " الخطاب لحسان ، فيه إشارة إلى أنه اغتاب عائشة رضي الله تعالى عنها حين وقعت قصة الإفك ، وقد عمي في آخر عمره ، قوله : " فقلت لها " أي لعائشة : لم تأذني له ؟ أي لحسان ، قوله : " أن يدخل " أي بأن يدخل ، وكلمة " أن " مصدرية . قوله : " إنه كان ينافح " أي أن حسان كان يذب عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بالشعر ، ويخاصم عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية