صفحة جزء
4012 ( باب غزوة مؤتة من أرض الشأم )


أي هذا باب في بيان غزوة مؤتة بضم الميم ، وسكون الواو ، بغير همزة عند أكثر الرواة ، وبه قال المبرد ، وقال ثعلب والجوهري وابن فارس بالهمزة الساكنة بعد الميم ، وحكى صاحب الواعي الوجهين ، وقال أبو العباس : محمد بن يزيد لا يهمز مؤتة ، قوله : " بأرض الشام " صفة لمؤتة ، أي : كائنة بأرض الشام ، قال ابن إسحاق : هي بالقرب من أرض البلقاء ، وقال الكرماني : هي على مرحلتين من بيت المقدس ، والسبب فيها أن شرحبيل بن عمرو الغساني ، وهو من أمراء قيصر على الشام قتل رسولا أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى صاحب بصرى ، واسم الرسول الحارث بن عمير ، ولم يقتل لرسول الله صلى الله عليه وسلم رسول غيره ، فجهز لهم النبي صلى الله عليه وسلم عسكرا في ثلاثة آلاف ، وأمر عليهم زيد بن حارثة ، فقال : إن أصيب فجعفر ، وإن أصيب فعبد الله [ ص: 268 ] ابن رواحة فتجهزوا وعسكروا بالجرف وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير ، وأن يدعوهم من هناك إلى الإسلام ، فإن أجابوا وإلا فقاتلوهم ، وخرج مشيعا لهم حتى بلغ ثنية الوداع ، ولما بلغ العدو مسيرهم جمعوا لهم أكثر من مائة ألف ، وبلغهم أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من بهرا ووائل وبكر ولخم وجذام فقاتلهم المسلمون ، وقاتل الأمراء على أرجلهم فقتل زيد طعنا بالرماح ثم أخذ اللواء جعفر فنزل عن فرس له شقراء ، فعرقبها فكانت أول فرس عرقب في الإسلام فقاتل حتى قتل ، ضربه رجل من الروم فقطعه نصفين ، فوجد في أحد نصفيه بضعة وثلاثون جرحا ، ثم أخذه عبد الله فقاتل حتى قتل فاصطلح الناس على خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه ، فأخذ اللواء وانكشف الناس فكانت الهزيمة على المسلمين ، وتبعهم المشركون فقتل من قتل من المسلمين ، ورفعت الأرض لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أخذ خالد اللواء قال صلى الله عليه وسلم : الآن حمي الوطيس ، وجعل خالد مقدمته ساقة ، وساقته مقدمة ، وميمنته ميسرة ، وميسرته ميمنة ، فأنكر الروم ذلك وقالوا : قد جاءهم مدد فرعبوا وانكشفوا منهزمين ، فقتلوا منهم مقتلة لم يقتلها قوم ، وغنم المسلمون بعض أمتعة المشركين .

وفي الدلائل للبيهقي : ولما أخذ خالد اللواء قال صلى الله تعالى عليه وسلم : اللهم إنه سيف من سيوفك فأنت تنصره ، فمن يومئذ سمي خالد سيف الله ، وذكر في مغازي أبي الأسود عن عروة بعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الجيش إلى مؤتة في جمادى من سنة ثمان ، وكذا قال ابن إسحاق وموسى بن عقبة وغيرهما من أهل المغازي ، ولا يختلفون في ذلك إلا ما ذكر خليفة في تاريخه : أنها كانت سنة سبع .

التالي السابق


الخدمات العلمية