صفحة جزء
4061 318 - حدثنا محمد بن كثير ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت البراء رضي الله [ ص: 296 ] عنه وجاءه رجل فقال : يا أبا عمارة أتوليت يوم حنين ، فقال : أما أنا فأشهد على النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يول ، ولكن عجل سرعان القوم فرشقتهم هوازن ، وأبو سفيان بن الحارث آخذ برأس بغلته البيضاء يقول :


أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب




مطابقته للترجمة في قوله : " أتوليت يوم حنين ؟ " وسفيان هو الثوري ، وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي ، وقد مضى الحديث في الجهاد ، في باب بغلة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم البيضاء .

قوله : " يا أبا عمارة " هي كنية البراء ، قوله : " أتوليت " الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار ، أي : انهزمت ، قوله : " أما أنا ... إلى آخره " فيه جواب بديع يبين فيه أولا : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يول أيضا ; لأن إخباره بقوله : " ولكن عجل سرعان القوم ... إلى آخره " يدل على أنه ثبت ; لأن المولى لا يقدر على إخبار ما شاهده البراء في هذه القضية على هذه الصورة ، ( فإن قلت ) : جوابه لا يطابق سؤال الرجل ; لأنه سأل عنه هل توليت أم لا ؟ ولم يسأل عن حال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قلت : لأنه فهم بقرينة الحال أنه سأل عن فرار الكل ، فيدخل فيه النبي صلى الله عليه وسلم ويؤيده ما في الطريق الذي يأتي عقيبه ، أوليتم مع النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وأجاب بقوله : " أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يول " ، قوله : " سرعان القوم " بفتح السين المهملة ، وفتح الراء ويجوز بالتسكين أيضا ، وقال الكرماني : وسرعان بضم المهملة وكسرها جمع السريع ، حكي هذا عن بعضهم ، وليس كذلك لأن جماعة منهم ابن الأثير وغيره قد ضبطوه مثل ما ضبطناه ، وقال : سرعان القوم أوائلهم الذين يسارعون إلى شيء ويقبلون عليه بسرعة ، وقال الخطابي بعضهم يقول بكسر السين ، وهو خطأ ، قوله : " فرشقتهم " من الرشق بالشين المعجمة والقاف ، وهو الرمي ، وهوازن قبيلة كبيرة من العرب فيها عدة بطون ينسبون إلى هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة - بالخاء المعجمة والصاد المهملة وبالفاء كلها مفتوحة - ابن قيس غيلان بن إلياس بن مضر ، وأبو سفيان بن الحارث هو ابن عبد المطلب بن هاشم ، وهو ابن عم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قوله : " آخذ " على وزن فاعل ، قوله : " يقول " جملة وقعت حالا .

التالي السابق


الخدمات العلمية