صفحة جزء
4086 341 - حدثنا موسى، حدثنا أبو عوانة، حدثنا عبد الملك، عن أبي بردة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى ومعاذ بن جبل إلى اليمن، قال: وبعث كل واحد منهما على مخلاف، قال: واليمن مخلافان ثم قال: يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا. فانطلق كل واحد منهما إلى عمله قال: وكان كل واحد منهما إذا سار في أرضه كان قريبا من صاحبه أحدث به عهدا فسلم عليه، فسار معاذ في أرضه قريبا من صاحبه أبي موسى فجاء يسير على بغلته حتى انتهى إليه، وإذا هو جالس، وقد اجتمع إليه الناس، وإذا رجل عنده قد جمعت يداه إلى عنقه، فقال له معاذ: يا عبد الله بن قيس أيم هذا قال: هذا رجل كفر بعد إسلامه. قال: لا أنزل حتى يقتل. قال: إنما جيء به لذلك فانزل، قال: ما أنزل حتى يقتل، فأمر به فقتل، ثم نزل فقال: يا عبد الله كيف تقرأ القرآن؟ قال: أتفوقه تفوقا. قال: فكيف تقرأ أنت يا معاذ؟ قال: أنام أول الليل فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم فأقرأ ما كتب الله لي فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي


مطابقته للترجمة ظاهرة، وموسى هو ابن إسماعيل الذي يقال له التبوذكي، وأبو عوانة بالفتح الوضاح اليشكري، وعبد الملك بن عمير، وأبو بردة بضم الباء الموحدة، واسمه عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس، وهذا مرسل، وسيأتي من طريق سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى متصلا.

قوله: (مخلاف) بكسر الميم، وسكون الخاء المعجمة، وهو لليمن كالريف للعراق أي الرستاق، والمخاليف الرساتيق أي الكور.

قوله: (واليمن مخلافان) أي أرض اليمن كورتان، وكانت لمعاذ الجهة العليا إلى صوب عدن، وكان من عمله الجند بفتح الجيم والنون، وله بها مسجد مشهور إلى اليوم، وكانت جهة أبي موسى السفلى.

[ ص: 3 ] قوله: (إلى عمله) أي موضع عمله.

قوله: (إذا سار في أرضه كان قريبا من صاحبه أحدث به عهدا) كذا وقع في رواية الأكثرين "إذا سار في أرضه كان قريبا من صاحبه أحدث به" أي جدد العهد بزيارته، ووقع في رواية سعيد بن أبي بردة التي تأتي في الباب: "فجعلا يتزاوران فزار معاذ أبا موسى" وزاد في رواية حميد بن هلال: (فلما قدم عليه ألقى له وسادة، قال: انزل).

قوله: (يسير) حال من الضمير الذي في فجاء.

قوله: (وإذا هو جالس) كلمة إذا للمفاجأة، وكذا وإذا الثاني.

قوله: (وإذا رجل) لم يدر ما اسمه، لكن وقع في رواية سعيد بن أبي بردة أنه يهودي.

قوله: (قد جمعت يداه إلى عنقه) جملة وقعت صفة لـ"رجل".

قوله: (أيم) بفتح الهمزة، وضم الياء المشددة، وفتح الميم، وأصله أي التي للاستفهام فزيدت عليها كلمة ما فقيل: أيما، وقد تسقط الألف فيصير أيم، وقد تخفف الياء فيقال: "أيم" بفتح الهمزة، وسكون الياء، وفتح الميم، وذلك كما يقال: "أيش" أصله "أي شيء".

قوله: (إنما جيء به لذلك) أي: إنما جيء بالرجل المذكور للقتل.

قوله: (فقال: يا عبد الله) أي فقال معاذ بن جبل لأبي موسى: يا عبد الله، وهو اسمه كما مر غير مرة.

قوله: (أتفوقه) بالفاء والقاف أي ألازم قراءته ليلا ونهارا شيئا بعد شيء، يعني لا أقرأ وردي دفعة واحدة بل هو كما يحلب اللبن ساعة بعد ساعة، وأصله مأخوذ من فواق الناقة، وهو أن تحلب ثم تترك ساعة حتى تدر ثم تحلب هكذا دائما.

قوله: (جزئي) بضم الجيم، وسكون الزاي، وكان قد جزأ الليل أجزاء، جزءا للنوم، وجزءا للقراءة، وجزءا للقيام.

قوله: (فأحتسب) من الاحتساب من باب الافتعال، أي أطلب الثواب في نومتي بفتح النون، وسكون الواو، وفتح الميم، كما أحتسب قومتي بفتح القاف، وطلب الثواب في القومة ظاهر، وأما في النومة بالنون فلأنه من جملة المعينات على الطاعة من القراءة ونحوها.

التالي السابق


الخدمات العلمية