صفحة جزء
4162 [ ص: 58 ] 416 - حدثنا إسحاق، حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن صالح، عن ابن شهاب قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله أن ابن عباس أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى فلما قرأه مزقه، فحسبت أن ابن المسيب قال: فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق.


مطابقته للترجمة ظاهرة، وإسحاق هو ابن راهويه، ويعقوب بن إبراهيم يروي عن أبيه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وإبراهيم بن سعد يروي عن صالح بن كيسان عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عبيد الله بضم العين عن عبد الله بفتحها ابن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة عن عبد الله بن عباس.

والحديث مضى في كتاب العلم في باب ما يذكر في المناولة، فإنه أخرجه هناك عن إسماعيل بن عبد الله عن إبراهيم بن سعد إلخ، وليس فيه اسم عبد الله بن حذافة، وإنما فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه رجلا، وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين الحديث، وعبد الله بن حذافة بضم الحاء المهملة، وبالذال المعجمة المخففة، وبعد الألف فاء ابن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي يكنى أبا حذافة كناه الزهري، أسلم قديما، وكان من المهاجرين الأولين، ويقال: إنه شهد بدرا، ولم يذكره ابن إسحاق في البدريين، وكانت فيه دعابة، وقال خليفة: أسرت الروم عبد الله في سنة تسع عشرة، وقال ابن لهيعة: توفي عبد الله بن حذافة بمصر، ودفن بمقبرتها.

قوله: (بعث بكتابه إلى كسرى) ذكره ابن إسحاق في السنة السادسة قال: وفيها أي وفي سنة ست بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر مصطحبين حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية، وشجاع بن وهب إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك غسان عرب النصارى بالشام، ودحية الكلبي إلى قيصر، وهو هرقل ملك الروم، وسليط بن عمرو إلى هوذة بن عمرو الحنفي، وعمرو بن أمية إلى النجاشي، وعبد الله بن حذافة إلى كسرى ملك الفرس.

وقال الواقدي: كان ذلك في آخر سنة ست بعد عمرة الحديبية أرسلهم في يوم واحد، وقيل: في المحرم في سنة ست، وقال البيهقي: في سنة ثمان بعد غزوة مؤتة، وترتيب البخاري يدل على أنه كان في سنة تسع فإنه ذكره بعد غزوة تبوك، وأنه ذكر في آخر الباب حديث السائب بن يزيد أنه تلقى النبي صلى الله عليه وسلم إلى ثنية الوداع مقدمه من غزوة تبوك.

قال ابن إسحاق: كتب معه: "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حيا، ويحق القول على الكافرين، أسلم تسلم، فإن أبيت فعليك إثم المجوس".

قال: ولما قرأه شقه، قال: وكان يكتب إلي بهذا، وهو عبد، وذكر القصة مطولة، وفيها: وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بأن الله قد سلط على كسرى ابنه شيرويه فقتله في شهر كذا وكذا في ليلة كذا وكذا، قال الواقدي: وكان قتله ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الآخرة في سنة تسع من الهجرة لست ساعات مضت فيها.

قوله: (إلى عظيم البحرين) هو نائب كسرى على البحرين، واسمه المنذر بن ساوى العبدي.

قوله: (فدفعه عظيم البحرين) فيه حذف تقديره: فتوجه إليه فأعطاه الكتاب فتوجه به فدفعه إلى كسرى.

قوله: (فلما قرأه) بالضمير المنصوب رواية الكشميهني، وفي رواية غيره فلما قرأ بدون الضمير، قال بعضهم: فيه مجاز فإنه لم يقرأه بنفسه، وإنما قرئ عليه.

قلت: الكلام يدل على أنه هو الذي قرأه، والمصير إلى المجاز يحتاج إلى دليل؛ لأنه لا مانع عقلا ولا عادة من أنه كان يعرف القراءة.

قوله: (فدعا عليهم) أي على كسرى وجنوده.

قوله: (أن يمزقوا) أي بأن يمزقوا أي بالتمزيق كل ممزق بحيث لا يبقى منهم أحد، وهكذا جرى، ولم تقم لهم بعد ذلك قائمة، ولا أمر نافذ، وأدبر عنهم الإقبال حتى انقرضوا بالكلية في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه.

التالي السابق


الخدمات العلمية