التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5184 5503 - حدثنا عبدان قال: أخبرني أبي، عن شعبة، عن سعيد بن مسروق، عن عباية بن رافع، عن جده أنه قال: يا رسول الله، ليس لنا مدى. فقال: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل، ليس الظفر والسن، أما الظفر فمدى الحبشة، وأما السن فعظم". وند بعير فحبسه، فقال: "إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فما غلبكم منها فاصنعوا هكذا". [انظر: 2488 - مسلم: 1968 - فتح:9 \ 631]


ذكر فيه أحاديث.

أحدها:

حديث رافع "ما أنهر الدم " وقد سلف .

ثانيها:

حديث نافع، سمع ابن كعب بن مالك يخبر، أن أباه أخبره أن جارية لهم كانت ترعى غنما بسلع، فأبصرت بشاة من غنمها موتا،

[ ص: 440 ]
فكسرت حجرا فذبحتها، فقال لأهله: لا تأكلوا حتى آتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسأله، أو حتى أرسل إليه من يسأله. فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -أو بعث- فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأكلها.


ثالثها:

حديث نافع، عن رجل من بني سلمة أخبر عبد الله، أن جارية لكعب بن مالك ترعى غنما له بالجبيل الذي بالسوق وهو بسلع، فأصيبت شاة، فكسرت حجرا فذبحتها، فذكروا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمرهم بأكلها.

وقد سلف في الوكالة من حديث نافع أنه سمع ابن كعب بن مالك يحدث عن أبيه أنه كانت لهم غنم بسلع ترعى .. الحديث .

وفي الأول لطيفة: وهي رواية صحابي عن تابعي; لأن ابن عمر رواه عن ابن كعب بن مالك وهو تابعي، نبه عليه ابن التين وتوبع، وفي هذا الحديث خمس فوائد: ذبيحة المرأة، وذبيحة الأمة، والذكاة بالحجر، وذكاة ما أشرف على الموت، وذكاة غير المالك بغير وكالة وقد سلف ذلك في الوكالة واضحا.

فصل:

اختلف إذا ذبح الراعي شاة، وقال: خشيت عليها الموت فقال ابن القاسم: لا ضمان عليه وضمنه غيره.

فصل:

المروة: الحجارة البيض وقيل: إنها الحجارة التي تقدح منها النار.

[ ص: 441 ] فصل:

ترجم لحديث رافع مختصرا؛ باب: لا يزكى بالسن والعظم، والظفر كما سيأتي .

فصل:

في حديث كعب جواز ذبيحة المرأة كما سلف وهو قول جمهور الفقهاء، وذلك إذا أحسنت الذبح، وكذلك الصبي عندهم إذا أحسنه، قال مالك في "المدونة": تجوز ذكاة المرأة من غير ضرورة، والصبي إذا أطاق الذبح . قال ابن حبيب: مختونا كان أو غير مختون، وفي كتاب محمد لمالك تكره ذبيحة المرأة والصبي، وكذلك اختلف في كراهة ذبح الخصي.

فصل:

قوله: (جارية) في المواضع الثلاث هنا، والوكالة أكثر ما تستعمل هذه اللفظة في الأمة، وقد جاء مصرحا به في رواية أخرى: أمة، وذكره البخاري بعد بلفظ: امرأة، وبلفظ: جارية.

فصل:

استدل الفقهاء بحديث كعب على جواز أكل ما ذبح بغير إذن مالكه كما سلف، وردوا به على من أبى من أكل ذبيحة السارق والغاصب، وهو قول يروى عن عكرمة وطاوس، وبه قال أهل الظاهر وإسحاق وهو شذوذ لا يلتفت إليه والناس على خلافه، وقال ابن المنذر: وليس بين ذبيحة السارق وذبيحة المحرم فرق.

[ ص: 442 ] فصل:

وفيه تصديق الراعي والأجير فيما اؤتمن عليه حتى يظهر عليه دليل الخيانة والكذب نبه عليه المهلب.

فصل:

اختلف العلماء فيما يجوز أن يذبح به فقالت طائفة: كل ما ذكي به من شيء أنهر الدم وفرى الأوداج ولم يترد جازت به الذكاة إلا السن والظفر لنهي الشارع عنهما، وإن كان منزوعين، هذا قول النخعي والليث والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور احتجاجا بحديث رافع.

وقال مالك وأبو حنيفة: كل ما فرى الأوداج وأنهر الدم تجوز الذكاة به، ويجوز بالسن والظفر المنزوعين، فأما إن كانا غير منزوعين فإنه لا يجوز; لأنه يصير خنقا وفي ذلك ورد النهي; ولذلك قال ابن عباس: ذلك الحق لأن ما ذبح به إنما يذبح بكف لا بغيرها فهو يجوز وكذلك ما نهى عنه من السن، إنما هو السن المركبة; لأن ذلك يكون عضا.

وأما إذا كانا منزوعين وفريا الأوداج فجائز الذكاة بهما; لأنه في حكم الحجر كلما قطع ولم يترد وإذا جازت التذكية بغير الحديد جازت بكل شيء في معناه.

وذكر الطحاوي: أن طائفة ذهبت إلى أنه يجوز الذكاة بالسن والظفر المنزوعين، وقد أسلفنا الخلاف في ذلك في باب: التسمية على الذبيحة.

واحتجوا بما روى سفيان -يعني: ابن سعيد، من عند أبي داود ، [ ص: 443 ] وقد سلف- عن سماك، عن مري بن قطري، رجل من بني ثعلبة عن عدي قلت: يا رسول الله أرسل كلبي فيأخذ الصيد فلا يكون عندي ما نذكيه به إلا المروة والعصا، قال: "أنهر الدم بما شئت، واذكر اسم الله" .

وحديث رافع أصح من هذا الحديث فالمصير إليه أولى ولو صح حديث عدي لكان معناه: أنهر الدم بما شئت إلا بالسن والظفر، وزاد الطبري: وما كان نظيرا لهما وهو القرن وهذه زيادة وتفسير لحديث عدي يجب الأخذ بها.

فصل:

روى ابن حزم عن طاوس منع ذبيحة الزنجي، وعن ابن عباس: الأقلف لا تؤكل ذبيحته، ولا تقبل له صلاة ولا شهادته، وسيأتي في باب ذبائح أهل الكتاب، عن الحسن وإبراهيم: لا بأس بذبيحة الأقلف ، وقال ابن المنذر: اتفق عوام أهل العلم على جواز ذبيحتهم; لأن الله تعالى أباح ذبائح أهل الكتاب ومنهم من لم يختتن.

قال ابن حزم: وتذكية الحائض والزنج، والأخرس والفاسق، والجنب أو ما ذبح أو نحر لغير القبلة (عمدا) أو غير عمد جائزا أكلها إذا ذكروا الله، أو سموا على حسب طاقتهم بالإشارة من الأخرس ويسمي الأعجمي بلغته .

[ ص: 444 ] وروي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كره ذبيحة الآبق، وذبيحة من ذبح لغير القبلة، وصح عن ابن سيرين وأبي الشعثاء مثل الثاني.

وعن عكرمة وقتادة: يذبح الجنب إذا توضأ.

وعن الحسن: يغسل وجهه وذراعيه، وروى ابن حزم أن التذكية بآلة أخذت بغير حق حرام وهو ميتة . وقد أسلفناه عن أهل الظاهر أيضا.

التالي السابق


الخدمات العلمية