صفحة جزء
7190 7191 ص: وقد روي عن رسول الله -عليه السلام - الرخصة في الرقية من كل ذي حمة .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أسباط بن محمد ، عن الشيباني ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : " رخص رسول الله -عليه السلام - في الرقية من كل ذي حمة " .

حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : ثنا خالد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الشيباني . . ... ، فذكر بإسناده مثله .

فهذا فيه دليل على أنه كان بعد النهي ; لأن الرخصة لا تكون إلا من شيء محظور .


ش: هذان طريقان صحيحان :

الأول : عن محمد بن عمرو بن يونس ، عن أسباط بن محمد الكوفي ، عن أبي إسحاق سليمان بن فيروز الشيباني الكوفي ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه الأسود بن يزيد النخعي ، عن عائشة .

وأخرجه البخاري : نا موسى بن إسماعيل ، قال : نا عبد الواحد ، نا سليمان الشيباني ، ثنا عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه قال : "سألت عائشة عن الرقية من الحمة ، فقالت : رخص رسول الله -عليه السلام-[في] الرقية من كل ذي حمة " .

[ ص: 197 ] وأخرجه مسلم : عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن علي بن مسهر ، عن الشيباني . . . . إلى آخره نحوه .

الثاني : عن سليمان بن شعيب الكيساني ، عن خالد بن عبد الرحمن الخراساني المروزي ، عن سفيان الثوري ، عن سليمان الشيباني . . . . إلى آخره .

قوله : "من كل ذي حمة " بضم الحاء وفتح الميم المخففة وهو السم ، وقد تشدد الميم وأنكره الأزهري ، ويطلق على إبرة العقرب للمجاورة ; لأن السم منها يخرج ، وأصلها : حمو أو حمي بوزن صرد ، والهاء فيها عوض من الواو المحذوفة أو الياء .

وقال الخطابي : الحمة كل شيء يلدغ أو يلسع . ويقال : هي شوكة العقرب .

وقال ابن سيده : قال بعضهم : هي الإبرة التي تضرب بها الحية والعقرب والزنبور أو يلدغ بها ، والجمع : حماة وحمى ، وفي كتاب "الحيوان " لعمرو بن بحر : من سمى إبرة العقرب حمة فقد أخطأ ، وإنما الحمة سموم ذوات الشعر كالدبر ، وذوات الأنياب والأسنان كالأفاعي وسائر الحيات ، وكسموم ذوات الإبر من العقارب ، وأما النهس وما أشبهه من السموم فليس يقال له حمة .

وفي كتاب "اليواقيت " للمطرز : حمة -بالتشديد - وقال كراع : جمعها : حمون وحمات ، كما قالوا : برون وبرات ، قال : وكأنها مأخوذة من حميت النار تحمي إذا اشتدت حرارتها .

قوله : "فهذا فيه دليل " أي قول عائشة - رضي الله عنها - : "رخص رسول الله -عليه السلام - في الرقية " دليل صريح على أنه كان بعد النهي ; لأن الرخصة لا تكون إلا من شيء نهي عنه فحرم ، فدل ذلك أيضا على أن حديث الشفاء وعمير مولى آبي اللحم ونحو ذلك كله من باب الترخيص الدال على نسخ ما تقدم من النهي . فافهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية