صفحة جزء
15 - كتاب الحجة

1 - في فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة

قال أبو جعفر : اجتمعت الأمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صالح أهل مكة قبل افتتاحه إياها ، ثم افتتحها بعد ذلك .

فقال قوم : كان افتتاحه إياها بعد أن نقض أهل مكة العهد وخرجوا من الصلح ، فافتتحها يوم افتتحها وهي دار حرب ، لا صلح بينه وبين أهلها ، ولا عقد ولا عهد .

وممن قال هذا القول : أبو حنيفة ، والأوزاعي ، ومالك بن أنس ، وسفيان بن سعيد الثوري ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن رحمهم الله .

وقال قوم : بل افتتحها صلحا .

[ ص: 312 ] ثم احتج كل فريق من هذين الفريقين لقوله ، من الآثار بما سنبينه في كتابي هذا ، ونذكر مع ذلك ، صحة ما احتج به أو فساده ، إن شاء الله تعالى .

وكان حجة من ذهب إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتحها صلحا ، أن قال : ( أما الصلح فقد كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة ، فأمن كل فريق منه ومن أهل مكة ، من الفريق الآخر ، ثم لم يكن من أهل مكة في ذلك ، ما يوجب نقض الصلح ) .

وإنما كان بنو نفاثة ، وهم غير من أهل مكة ، قاتلوا خزاعة ، وأعانهم على ذلك رجال من قريش ، وثبت بقية أهل مكة على صلحهم ، وتمسكوا بعهدهم الذي عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت بنو نفاثة ، ومن تابعهم ، على ما فعلوا من ذلك من الصلح ، وثبت بقية أهل مكة على الصلح الذي كانوا صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قالوا : والدليل على ذلك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما افتتحها ، لم يقسم فيها فيئا ، ولم يستعبد فيها أحدا .

وكان من الحجة عليهم في ذلك لمخالفهم ، أن عكرمة ، مولى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، ومحمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري ، وعليهما يدور أكثر أخبار المغازي ، قد روي عنهما ما يدل على خروج أهل مكة من الصلح الذي كانوا صالحوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحداث أحدثوها .

التالي السابق


الخدمات العلمية