صفحة جزء
[ ص: 273 ] أكل الضبع

( قال الشافعي ) رحمه الله : أخبرنا سفيان ومسلم عن ابن جريج عن عبد الله بن عبيد الله بن عمير .

( قال الشافعي ) ولحوم الضباع تباع عندنا بمكة بين الصفا والمروة ، لا أحفظ عن أحد من أصحابنا خلافا في إحلالها وفي مسألة ابن أبي عمار جابرا ، أصيد هي ؟ قال : نعم وسألته أتؤكل ؟ قال : نعم ، وسألته : أسمعته من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . فهذا دليل على أن الصيد الذي نهى الله تعالى المحرم عن قتله ، ما كان يحل أكله من الصيد . وأنهم إنما يقتلون الصيد ليأكلوه ، لا عبثا بقتله ، ومثل ذلك الدليل في حديث علي رضي الله عنه ، ولذلك أشباه في القرآن ، منها قول الله عز وجل { فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين } أنه إنما يعني مما أحل الله أكله ، لأنه لو ذبح ما حرم الله عليه وذكر اسم الله عليه ، لم يحل الذبيحة ذكر اسم الله عليه . وفي حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الضبع دليل على ما قلنا ، من أن كان ذي ناب من السباع . ما عدا على الناس مكابرة . وإذا حل أكل الضبع ، وهي سبع ، لكنها لا تعدو مكابرة على الناس ، وهي أضر على مواشيهم من جميع السباع ، فأحلت أنها لا تعدو على الناس خاصة مكابرة . وفيه دلالة على إحلال ما كانت العرب تأكل مما لم ينص فيه خبر وتحريم ما كانت تحرمه مما يعدو ، من قبل أنها لم تزل إلى اليوم تأكل الضبع ، ولم تزل تدع أكل الأسد والنمر والذئب تحريما بالتقذر ، فوافقت السنة فيما أحلوا وحرموا مع الكتاب ، ما وصفت ، والله أعلم وفيه دلالة على أن المحرم إنما يجزي ما أحل أكله من الصيد دون ما لم يحل أكله . وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلب العقور في الإحرام ، وهو ما عدا على الناس ، وهو لا يأمر بقتل ما لا يحل قتله ، ويضمن صاحبه بقتله شيئا فدل ذلك على أن الصيد الذي حرم الله قتله في الإحرام ، ما يؤكل لحمه ، ودل على ذلك حديث جابر بن عبد الله ، وعلى ما وصفت . ولا بأس بأكل كل سبع لا يعدو على الناس من دواب الأرض ، مثل الثعلب وغيره قياسا على الضبع . وما سوى السبع من دواب الأرض كلها تؤكل من معنيين ، ما كان سبعا لا يعدو .

فحلال أن يؤكل . وما كان غير سبع ، فما كانت العرب تأكله لغير ضرورة فلا بأس بأكله ، لأنه داخل في معنى الآية . خارج من الخبائث عند العرب . وما كانت تدعه على معنى تحريمه ، فإنه خبيث اللحم ، فلا يؤكل بحال . وكل ما أمر بأكله فداه المحرم إذا قتله . ومثل الضبع ما خلا كل ذي ناب من السباع من دواب الأرض وغيرها ، فلا بأس أن يؤكل منه ما كانت العرب تأكله ، وقد فسرته قبل هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية