صفحة جزء
[ ص: 219 ] العنعنة


136 . وصححوا وصل معنعن سلم من دلسة راويه ، واللقا علم      137 . وبعضهم حكى بذا إجماعا
و (مسلم) لم يشرط اجتماعا      138 . لكن تعاصرا ، وقيل يشترط
طول صحابة ، وبعضهم شرط      139 . معرفة الراوي بالأخذ عنه ،
وقيل : كل ما أتانا منه      140 . منقطع ، حتى يبين الوصل ،
وحكم ( أن ) حكم ( عن ) فالجل      141 . سووا ، وللقطع نحا (البرديجي)
حتى يبين الوصل في التخريج


العنعنة : مصدر عنعن الحديث ، إذا رواه بلفظ : عن ، من غير بيان للتحديث ، والإخبار ، والسماع .

واختلفوا في حكم الإسناد المعنعن ، فالصحيح الذي عليه العمل ، وذهب إليه الجماهير من أئمة الحديث وغيرهم ، أنه من قبيل الإسناد المتصل بشرط سلامة الراوي الذي رواه بالعنعنة من التدليس . وبشرط ثبوت ملاقاته لمن رواه عنه بالعنعنة . قال ابن الصلاح : "وكاد ابن عبد البر يدعي إجماع أئمة الحديث على ذلك" . قلت : لا [ ص: 220 ] حاجة لقوله : كاد ، فقد ادعاه . وادعى أبو عمرو الداني إجماع أهل النقل على ذلك ، لكنه اشترط أن يكون معروفا بالرواية عنه ، كما سيأتي في موضعه . لكن قد يظهر عدم اتصاله بوجه آخر ، كما في الإرسال الخفي ، على ما سيأتي في موضعه ، وما ذكرناه من اشتراط ثبوت اللقاء هو مذهب علي بن المديني ، والبخاري وغيرهما من أئمة هذا العلم .

[ ص: 221 ] وأنكر مسلم في خطبة صحيحه اشتراط ذلك ، وادعى أنه قول مخترع لم يسبق قائله إليه ، وإن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار قديما وحديثا أنه يكفي في ذلك أن يثبت كونهما في عصر واحد ، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا أو تشافها . قال ابن الصلاح : "وفيما قاله مسلم نظر . - قال - : وهذا الحكم لا أراه يستمر بعد المتقدمين فيما وجد من المصنفين في تصانيفهم مما ذكروه عن مشايخهم قائلين فيه : ذكر فلان ، قال فلان ، ونحو ذلك . أي : فليس له حكم الاتصال ، إلا إن كان له من شيخه إجازة على ما سيأتي في آخر هذا الباب .

ولم يكتف أبو المظفر السمعاني بثبوت اللقاء ، بل اشترط طول الصحبة بينهما . واشترط أبو عمرو الداني أن يكون معروفا بالرواية عنه . واشترط أبو الحسن القابسي [ ص: 222 ] أن يدركه إدراكا بينا . وهذا داخل فيما تقدم من الشروط ، وبيان الإدراك لا بد منه . وذهب بعضهم إلى أن الإسناد المعنعن من قبيل المرسل والمنقطع ، حتى يتبين اتصاله بغيره ، وهذا المراد بقوله : ( وقيل كل ما أتانا منه منقطع ) ، إلى آخره .

وقوله : ( وحكم أن ، حكم عن ، فالجل سووا ) أي : ذهب جمهور أهل العلم إلى التسوية بين الرواية المعنعنة ، وبين الرواية بلفظ : أن فلانا قال . وهو قول مالك وممن حكاه عن الجمهور ابن عبد البر في التمهيد . وأنه لا اعتبار بالحروف والألفاظ ، وإنما هو باللقاء والمجالسة والسماع والمشاهدة يعني : مع السلامة من التدليس . ثم حكى ابن عبد البر عن أبي بكر البرديجي أن حرف (أن) محمول على الانقطاع حتى يتبين السماع في ذلك الخبر بعينه من جهة أخرى . قال : وعندي لا معنى لهذا ، لإجماعهم على أن الإسناد المتصل بالصحابي ، سواء قال فيه : قال ، أو أن ، أو عن ، أو سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يعني فكله متصل .



التالي السابق


الخدمات العلمية