صفحة جزء
[ ص: 223 ]

142 . قال: ومثله رأى ( ابن شيبة ) كذا له ، ولم يصوب صوبه      143 . قلت : الصواب أن من أدرك ما
رواه بالشرط الذي تقدما      144 . يحكم له بالوصل كيفما روى
بـ ( قال ) أو ( عن ) أو بـ ( أن ) فسوا      145 . وما حكى عن ( أحمد بن حنبل )
وقول (يعقوب) على ذا نزل


فاعل " قال " هو : ابن الصلاح ، فقال : ووجدت مثل ما حكاه عن البرديجي للحافظ الفحل يعقوب بن شيبة في مسنده الفحل ، قال : فإنه ذكر ما رواه أبو الزبير ، عن محمد ابن الحنفية ، عن عمار ، قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو يصلي فسلمت عليه ، فرد علي السلام . وجعله مسندا موصولا . وذكر رواية قيس بن سعد ، كذلك عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن الحنفية : أن عمارا مر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو يصلي فجعله مرسلا من حيث كونه قال : إن عمارا فعل ، ولم يقل : عن عمار ، والله أعلم . انتهى كلام ابن الصلاح . ولم يقع على مقصود يعقوب بن شيبة ، وهو المراد بقوله : ( كذا له ) أي : لابن الصلاح . ( ولم يصوب صوبه ) أي : ولم يعرج صوب مقصده ، وبيان ذلك أن ما فعله يعقوب هو صواب من العمل ، وهو الذي عليه عمل الناس ، [ ص: 224 ] وهو لم يجعله مرسلا من حيث لفظ : أن ، وإنما جعله مرسلا من حيث إنه لم يسند حكاية القصة إلى عمار ، وإلا فلو قال : إن عمارا قال : مررت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، لما جعله مرسلا ، فلما أتى به بلفظ : أن عمارا مر ، كان محمد ابن الحنفية هو الحاكي لقصة لم يدركها; لأنه لم يدرك مرور عمار بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فكان نقله لذلك مرسلا . ثم بينت ذلك بقاعدة يعرف بها المتصل من المرسل بقولي : ( قلت ) ، وهو من الزوائد على ابن الصلاح ، إلا حكاية كلام أحمد ويعقوب .

وتقرير هذه القاعدة : أن الراوي إذا روى حديثا فيه قصة ، أو واقعة ، فإن كان أدرك ما رواه ، بأن حكى قصة وقعت بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين بعض الصحابة ، والراوي لذلك صحابي أدرك تلك الواقعة ، فهي محكوم لها بالاتصال ، وإن لم يعلم أنه شاهدها وإن لم يدرك تلك الواقعة ، فهو مرسل صحابي .

وإن كان الراوي تابعيا ، فهو منقطع ، وإن روى التابعي عن الصحابي قصة أدرك وقوعها ، كان متصلا ، وإن لم يدرك وقوعها ، وأسندها إلى الصحابي كانت متصلة . وإن لم يدركها ، ولا أسند حكايتها إلى الصحابي فهي منقطعة كرواية ابن الحنفية الثانية ، عن عمار . ولا بد من اعتبار السلامة من التدليس في التابعين ، ومن بعدهم .

وقد حكى أبو عبد الله بن المواق اتفاق أهل التمييز من أهل الحديث على ذلك في كتابه " بغية النقاد " عند ذكر حديث عبد الرحمن بن طرفة أن جده عرفجة قطع أنفه [ ص: 225 ] يوم الكلاب ، . . . الحديث . فقال : الحديث عند أبي داود مرسل . وقد نبه ابن السكن على إرساله فقال : فذكر الحديث مرسلا . قال ابن المواق : وهو أمر بين لا خلاف بين أهل التمييز من أهل هذا الشأن في انقطاع ما يروى كذلك ، إذا علم أن الراوي لم يدرك زمان القصة كما في هذا الحديث .

وقوله : ( فسوا ) ، هو ممدود قصر لضرورة الشعر .

وقوله : ( وما حكى ) ، أي : ابن الصلاح عن أحمد بن حنبل ، فإنه حكى قبل هذا عن أحمد أن : عن فلان ، وأن فلانا ليسا سواء .

( وقول يعقوب ) ، هو مجرور بالعطف ، ويعقوب : هو ابن شيبة . ( على ذا نزل ) أي : نزله على هذه القاعدة . أما كلام يعقوب فقد تقدم تنزيله عليه . وأما [ ص: 226 ] كلام أحمد فإن الخطيب رواه في “ الكفاية “ بإسناده إلى أبي داود قال : سمعت أحمد قيل له : إن رجلا قال عروة : أن عائشة قالت : يا رسول الله ، وعن عروة عن عائشة سواء ؟ قال : كيف هذا سواء ، ليس هذا بسواء . فإنما فرق أحمد بين اللفظين; لأن عروة في اللفظ الأول لم يسند ذلك إلى عائشة ، ولا أدرك القصة فكانت مرسلة . وأما اللفظ الثاني فأسند ذلك إليها بالعنعنة ، فكانت متصلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية