صفحة جزء
[ ص: 257 ] الاعتبار والمتابعات والشواهد


171 . الاعتبار سبرك الحديث هل شارك راو غيره فيما حمل      172 . عن شيخه فإن يكن شورك من
معتبر به فتابع ، وإن      173 . شورك شيخه ففوق فكذا
وقد يسمى شاهدا ثم إذا      174 . متن بمعناه أتى فالشاهد
وما خلا عن كل ذا مفارد      175 . مثاله "لو أخذوا إهابها"
فلفظة "الدباغ" ما أتى بها      176 . عن عمرو إلا ابن عيينة وقد
توبع عمرو في الدباغ فاعتضد      177 . ثم وجدنا "أيما إهاب"
فكان فيه شاهد في الباب


[ ص: 258 ] هذه الألفاظ يتداولها أهل الحديث بينهم .

فالاعتبار : أن تأتي إلى حديث لبعض الرواة ، فتعتبره بروايات غيره من الرواة بسبر طرق الحديث ليعرف هل شاركه في ذلك الحديث راو غيره فرواه عن شيخه أم لا ؟

فإن يكن شاركه أحد ممن يعتبر بحديثه ، أي : يصلح أن يخرج حديثه للاعتبار به والاستشهاد به ، فيسمى حديث هذا الذي شاركه تابعا - وسيأتي بيان من يعتبر بحديثه في مراتب الجرح والتعديل - وإن لم تجد أحدا تابعه عليه عن شيخه فانظر هل تابع أحد شيخ شيخه فرواه متابعا له أم لا ؟ إن وجدت أحدا تابع شيخ شيخه عليه ، فرواه كما رواه فسمه أيضا تابعا . وقد يسمونه شاهدا ، وإن لم تجد فافعل ذلك فيمن فوقه إلى آخر الإسناد حتى في الصحابي ، فكل من وجد له متابع فسمه تابعا . وقد يسمونه شاهدا ، كما تقدم ، فإن لم تجد لأحد ممن فوقه متابعا عليه فانظر هل أتى بمعناه حديث آخر في الباب أم لا ؟ فإن أتى بمعناه حديث آخر فسم ذلك الحديث شاهدا ، وإن لم تجد حديثا آخر يؤدي معناه ، فقد عدمت المتابعات والشواهد . فالحديث إذا فرد . قال ابن حبان : وطريق الاعتبار في الأخبار ، مثاله أن يروي حماد بن سلمة حديثا لم يتابع عليه ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فينظر : هل [ ص: 259 ] روى ذلك ثقة غير أيوب ، عن ابن سيرين ؟ فإن وجد علم أن للخبر أصلا يرجع إليه ، وإن لم يوجد ذلك ، فثقة غير ابن سيرين رواه عن أبي هريرة ، وإلا فصحابي غير أبي هريرة ، رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . فأي ذلك وجد يعلم به أن للحديث أصلا يرجع إليه ، وإلا فلا . انتهى .

قلت : فمثال ما عدمت فيه المتابعات من هذا الوجه من وجه يثبت ما رواه الترمذي من رواية حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، أراه رفعه : " احبب حبيبك هونا ما ، . . . الحديث " . قال الترمذي : حديث غريب لا نعرفه بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه . قلت : أي من وجه يثبت ، وقد رواه الحسن بن دينار ، وهو متروك الحديث ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال ابن عدي في الكامل : "ولا أعلم أحدا قال عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة إلا الحسن بن دينار . ومن حديث أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، رواه حماد بن سلمة ، ويرويه الحسن بن أبي جعفر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين عن حميد بن عبد الرحمن الحميري ، عن علي مرفوعا . انتهى .

والحسن بن أبي جعفر منكر الحديث ، قاله البخاري [ ص: 260 ] .

وقوله : ( مثاله لو أخذوا إهابها ) ، هذا مثال لما وجد له تابع وشاهد أيضا . وهو ما روى مسلم والنسائي من رواية سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مر بشاة مطروحة أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ألا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به " ، فلم يذكر فيه أحد من أصحاب عمرو بن دينار : فدبغوه ، إلا ابن عيينة . وقد رواه إبراهيم بن نافع المكي عن عمرو ، فلم يذكر الدباغ . وقول ابن الصلاح : ورواه ابن جريج عن عمرو ، عن عطاء ، ولم يذكر فيه الدباغ ، يوهم موافقة رواية ابن جريج لرواية ابن عيينة في السند وليس كذلك ، فإن ابن جريج زاد في السند ميمونة فجعله من مسندها . وفي رواية ابن عيينة أنه من مسند ابن عباس ، فلهذا مثلت : بإبراهيم بن نافع ، والله أعلم . فنظرنا هل نجد أحدا تابع شيخه عمرو بن دينار على ذكر الدباغ فيه ، عن عطاء أم لا ؟ فوجدنا أسامة بن زيد الليثي تابع عمرا عليه . ورواه الدارقطني والبيهقي من طريق ابن وهب ، عن أسامة ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأهل شاة ماتت : " ألا نزعتم إهابها فدبغتموه ، فانتفعتم به " .

[ ص: 261 ] قال البيهقي وهكذا رواه الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عطاء . وكذلك رواه يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج ، عن عطاء .

فكانت هذه متابعات لرواية ابن عيينة . ثم نظرنا فوجدنا لها شاهدا ، وهو ما رواه مسلم وأصحاب السنن من رواية عبد الرحمن بن وعلة المصري ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أيما إهاب دبغ فقد طهر " .

التالي السابق


الخدمات العلمية