صفحة جزء
معرفة من اختلط من الثقات


985 . وفي الثقات من أخيرا اختلط فما روى فيه أو ابهم سقط      986 . نحو عطاء وهو ابن السائب
وكالجريري سعيد ، وأبي      987 . إسحاق ، ثم ابن أبي عروبة
ثم الرقاشي أبي قلابة      988 . كذا حصين السلمي الكوفي
وعارم محمد والثقفي [ ص: 329 ]      989 . كذا ابن همام بصنعا إذ عمي
والرأي فيما زعموا والتوأمي      990 . وابن عيينة مع المسعودي
وآخرا حكوه في الحفيد      991 . ابن خزيمة مع الغطريفي
مع القطيعي أحمد المعروف


قال ابن الصلاح : "هذا فن عزيز مهم ، لم أعلم أحدا أفرده بالتصنيف ، واعتنى به مع كونه حقيقا بذلك جدا" ، قلت : وبسبب كلام ابن الصلاح ، أفرده شيخنا الحافظ صلاح الدين العلائي بالتصنيف في جزء ، حدثنا به ، ولكنه اختصره ولم يبسط الكلام فيه ، ورتبهم على حروف المعجم .

ثم الحكم فيمن اختلط أنه لا يقبل من حديثه ما حدث به في حال الاختلاط ، وكذا ما أبهم أمره وأشكل ، فلم ندر أحدث به قبل الاختلاط ، أو بعده ؟ وما حدث به قبل الاختلاط قبل ، وإنما يتميز ذلك باعتبار الرواة عنهم ، فمنهم من سمع منهم قبل الاختلاط فقط ، ومنهم من سمع بعده فقط ، ومنهم من سمع في الحالين ، ولم يتميز .

فممن اختلط في آخر عمره : عطاء بن السائب ، قال ابن حبان : "اختلط بأخرة ، ولم يفحش خطؤه" . انتهى .

وممن سمع منه قبل الاختلاط : شعبة وسفيان الثوري ، قاله يحيى بن معين ، ويحيى بن سعيد القطان ، إلا أن القطان استثنى حديثين سمعهما منه شعبة بأخرة عن [ ص: 330 ] زادان ، وكذلك حماد بن زيد سمع منه قبل أن يتغير ، قاله يحيى بن سعيد القطان ، وكذا قال النسائي : رواية حماد بن زيد وشعبة وسفيان عنه جيدة .

وممن سمع منه بعد الاختلاط : جرير بن عبد الحميد ، وخالد بن عبد الله الواسطي ، وإسماعيل بن علية ، وعلي بن عاصم ، قاله أحمد بن حنبل ، وكذلك سمع منه بعد التغير : محمد بن فضيل بن غزوان ، وممن سمع منه أيضا بأخرة : هشيم ، قاله أحمد بن عبد الله العجلي . قلت : قد روى له البخاري في صحيحه حديثا من رواية هشيم عنه ، وليس له عند البخاري غير هذا الحديث الواحد . وممن سمع منه في الحالتين معا : أبو عوانة ، قاله عباس الدوري عن يحيى بن معين ، قال : ولا يحتج بحديثه . أي : بحديث أبي عوانة عنه .

وممن اختلط أخيرا : أبو مسعود سعيد بن إياس الجريري ، وهو ثقة احتج به الشيخان ، ولم يشتد تغيره ، قال يحيى بن سعيد عن كهمس : أنكرنا الجريري أيام الطاعون ، وكذا قال النسائي : ثقة أنكر أيام الطاعون . وقال أبو حاتم الرازي : تغير حفظه قبل موته ، فمن كتب عنه قديما ، فهو صالح .

قلت : وممن سمع منه قبل التغير : شعبة ، وسفيان الثوري ، والحمادان ، وإسماعيل بن علية ، ومعمر ، وعبد الوارث بن سعيد ، ويزيد بن زريع ، ووهيب بن خالد ، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ; وذلك لأن هؤلاء كلهم سمعوا من أيوب [ ص: 331 ] السختياني ، وقد قال أبو داود ، فيما رواه عنه أبو عبيد الآجري : كل من أدرك أيوب فسماعه من الجريري جيد . انتهى .

وممن سمع منه بعد التغير : محمد بن أبي عدي ، وإسحاق الأزرق ، ويحيى بن سعيد القطان ، ولذلك لم يحدث عنه شيئا . وقد روى الشيخان للجريري من رواية بشر بن المفضل ، وخالد بن عبد الله ، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى ، وعبد الوارث بن سعيد عنه ، وروى له مسلم فقط من رواية جعفر بن سليمان الضبعي ، وحماد بن أسامة ، وحماد بن سلمة ، وشعبة ، وسفيان الثوري ، وسالم بن نوح ، وابن المبارك ، وعبد الوهاب الثقفي ، ووهيب بن خالد ، ويزيد بن زريع ، وعبد الواحد بن زياد ، ويزيد بن هارون وقد قيل : إن يزيد بن هارون ، إنما سمع منه بعد التغير ، فقد روى ابن سعد عنه ، قال : سمعت منه سنة اثنتين وأربعين ومائة ، وهي أول سنة دخلت البصرة ، ولم ننكر منه شيئا ، قال : وكان قيل لنا : إنه قد اختلط ، وقال ابن حبان : كان قد اختلط قبل أن يموت بثلاث سنين ، قال : وقد رآه يحيى القطان ، وهو مختلط ، ولم يكن اختلاطه فاحشا ، مات سنة أربع وأربعين ومائة .

ومنهم : أبو إسحاق السبيعي ، واسمه عمرو بن عبد الله ، ثقة احتج به الشيخان ، قال أحمد بن حنبل : ثقة . لكن هؤلاء الذين حملوا عنه بأخرة وقال يعقوب الفسوي : قال ابن عيينة : حدثنا أبو إسحاق في المسجد ، ليس معنا ثالث ، قال الفسوي : فقال بعض أهل العلم : كان قد اختلط ، وإنما تركوه مع ابن عيينة لاختلاطه . انتهى . وكذا قال الخليلي : إن سماعه منه بعد ما اختلط [ ص: 332 ] .

قلت : ولم يخرج له الشيخان من رواية ابن عيينة عنه شيئا ، إنما أخرج له من طريقه الترمذي ، وكذلك النسائي في عمل اليوم والليلة ، وأنكر صاحب الميزان اختلاطه ، فقال : شاخ ونسي ، ولم يختلط ، قال : وقد سمع منه سفيان بن عيينة ، وقد تغير قليلا . واختلف في وفاته ، فقيل : سنة ست وعشرين ومائة . وقيل : سبع . وقيل : ثمان . وقيل : تسع .

ومنهم : سعيد بن أبي عروبة ، واسم أبي عروبة : مهران ، ثقة ، احتج به الشيخان ; لكنه اختلط ، وطالت مدة اختلاطه فوق العشر سنين على ما يأتي من الخلاف ، قال أبو حاتم : هو قبل أن يختلط ثقة . وقد اختلف في ابتداء اختلاطه ، فقال دحيم : اختلط مخرج إبراهيم سنة خمس وأربعين ومائة ، وكذا قال ابن حبان : اختلط سنة خمس وأربعين ومائة ، وبقي خمس سنين في اختلاطه مات سنة خمسين ومائة . وقال يحيى بن معين : خلط بعد هزيمة إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن سنة اثنتين وأربعين ، يعني : ومائة ، ومن سمع منه بعد ذلك ليس بشيء .

قلت : هكذا اقتصر ابن الصلاح حكاية عن يحيى بن معين أن هزيمة إبراهيم سنة اثنتين وأربعين ، والمعروف سنة خمس وأربعين ، كما تقدم هذا هو المذكور في التواريخ أن خروجه فيها ، وإنه قتل فيها يوم الاثنين لخمس ليال بقين من ذي القعدة ، واحتز رأسه [ ص: 333 ] .

فممن سمع من ابن أبي عروبة قبل اختلاطه : عبد الله بن المبارك ، ويزيد بن زريع ، قاله ابن حبان وغيره ، وكذلك شعيب بن إسحاق سمع منه سنة أربع وأربعين قبل أن يختلط بسنة ، وكذلك يزيد بن هارون صحيح السماع منه ، قاله ابن معين ، وكذلك عبدة بن سليمان ، قال ابن معين : إنه أثبت الناس سماعا منه ، وقال ابن عدي : "أرواهم عنه عبد الأعلى السامي ، ثم شعيب بن إسحاق ، وعبدة بن سليمان ، وعبد الوهاب الخفاف ، وأثبتهم فيه يزيد بن زريع ، وخالد بن الحارث ، ويحيى القطان " . قلت : قد قال عبدة بن سليمان عن نفسه ، أنه سمع منه في الاختلاط ، إلا أن يريد بذلك بيان اختلاطه ، وأنه لم يحدث بما سمعه منه في الاختلاط ، والله أعلم . وسمع منه قديما : سرار بن مجشر ، أشار إليه النسائي في سننه الكبرى ، وقال أبو عبيد الآجري ، عن أبي داود : كان عبد الرحمن يقدمه على يزيد بن زريع ، وهو من قدماء أصحاب سعيد بن أبي عروبة ، ومات قديما .

وممن سمع منه في الاختلاط : أبو نعيم الفضل بن دكين ، ووكيع ، والمعافى بن عمران الموصلي . قلت : وقد روى له الشيخان من رواية خالد بن الحارث ، وروح بن عبادة ، وعبد الأعلى الشامي ، وعبد الرحمن بن عثمان البكراوي ، ومحمد بن سواء السدوسي ، ومحمد بن أبي عدي ، ويزيد بن زريع ، ويحيى بن سعيد القطان عنه . وروى له البخاري فقط من رواية بشر بن المفضل ، وسهل بن يوسف ، وابن المبارك ، وعبد الوارث بن سعيد ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري ، وكهمس بن المنهال عنه . وروى له مسلم فقط من رواية ابن علية ، وأبي أسامة ، وسعيد بن عامر الضبعي ، وسالم بن نوح ، وأبي خالد الأحمر ، وعبد الوهاب بن عطاء ، وعبدة بن سليمان ، وعلي بن مسهر ، وعيسى بن يونس ، ومحمد بن بكر البرساني ، وغندر عنه [ ص: 334 ] .

قلت : وقد قال ابن مهدي : سمع غندر منه في الاختلاط . وأما مدة اختلاط سعيد ، فقد تقدم قول ابن حبان أنها خمس سنين ، وقال صاحب الميزان : ثلاث عشرة سنة ، وخالف في ذلك في العبر ، فقال : عشر سنين ، مع قوله فيهما : أنه توفي سنة ست وخمسين ، وكذا قال الفلاس ، وأبو موسى الزمن ، وغير واحد في وفاته . وقيل : سنة سبع وخمسين ومائة .

ومنهم : أبو قلابة الرقاشي ، واسمه : عبد الملك بن محمد بن عبد الله أحد شيوخ ابن خزيمة ، قال فيه ابن خزيمة : حدثنا أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد . قلت : وممن سمع منه آخرا ببغداد : أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك ، وأبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ، وآخرون . فعلى قول ابن خزيمة سماعهم منه بعد الاختلاط . وكانت وفاته سنة ست وسبعين ومائتين ببغداد .

ومنهم : حصين بن عبد الرحمن السلمي الكوفي ، أحد الثقات الأثبات ، احتج به الشيخان ، ووثقه أحمد ، وأبو زرعة ، والعجلي ، وغيرهم . وقال أبو حاتم : ثقة ساء حفظه في الآخر ، وكذا قال يزيد بن هارون : إنه اختلط . وقال النسائي : تغير ، [ ص: 335 ] وأما علي بن عاصم ، فقال : إنه لم يختلط ، كذا حكاه صاحب الميزان عنه .

وقولي : ( السلمي ) ، من الزيادات على ابن الصلاح ، وفائدته عدم الاشتباه ، فإن في الكوفيين أربعة كلهم حصين بن عبد الرحمن ، ليس فيهم بهذا النسب إلا هذا .

ومنهم : عارم اسمه : محمد بن الفضل أبو النعمان السدوسي ، وعارم لقب له ، وهو أحد الثقات الأثبات ، روى عنه البخاري في صحيحه ، ومسلم بواسطة ، قال البخاري : "تغير في آخر عمره" . وقال أبو حاتم : اختلط في آخر عمره ، وزال عقله ، فمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح ، قال : وكتبت عنه قبل الاختلاط سنة أربع عشرة ، ولم أسمع منه بعدما اختلط . فمن سمع منه قبل سنة عشرين ومائتين ، فسماعه جيد ، وأبو زرعة لقيه سنة اثنتين وعشرين . وقال الحسين بن عبد الله الذارع ، عن أبي داود : بلغنا أن عارما أنكر سنة ثلاث عشرة ، ثم راجعه عقله ، واستحكم به الاختلاط سنة ست عشرة ، وقال ابن حبان : اختلط في آخر عمره ، وتغير حتى كاد لا يدري ما يحدث به ، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة ، فيجب التنكب عن حديثه فيما رواه المتأخرون ، فإذا لم يعلم هذا من هذا ترك الكل . وأنكر صاحب الميزان ، هذا القول من ابن حبان ، ووصفه بالتسخيف والتهوير ، وحكى قول الدارقطني : تغير بأخرة ، وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر ، وهو ثقة [ ص: 336 ] .

إذا تقرر ذلك ، فممن سمع منه قبل اختلاطه : أحمد بن حنبل ، وعبد الله بن محمد المسندي ، وأبو حاتم الرازي ، وأبو علي محمد بن أحمد بن خالد الزريقي ، وقال ابن الصلاح : ما رواه عنه : البخاري ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، وغيرهما من الحفاظ ، ينبغي أن يكون مأخوذا عنه قبل اختلاطه . انتهى ، وممن سمع منه بعد اختلاطه : أبو زرعة الرازي ، وعلي بن عبد العزيز البغوي . وكانت وفاته سنة أربع وعشرين ومائتين .

ومنهم : عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، أحد الثقات الذين احتج بهم الشيخان . قال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : اختلط بأخرة . وقال عقبة بن مكرم العمي : اختلط قبل موته بثلاث سنين ، أو أربع سنين ، قال صاحب الميزان : لكنه ما ضر تغيره حديثه ، فإنه ما حدث بحديث في زمن التغير ، ثم استدل بقول أبي داود : تغير جرير بن حازم ، وعبد الوهاب الثقفي ، فحجب الناس عنهم . ومات سنة أربع وتسعين ومائة ، وقيل : سنة أربع وثمانين .

ومنهم : عبد الرزاق بن همام الصنعاني ، احتج به الشيخان ، قال أحمد : أتيناه قبل المائتين وهو صحيح البصر . ومن سمع منه بعد ما ذهب بصره ، فهو ضعيف السماع ، وقال أيضا : كان يلقن بعدما عمي ، وقال النسائي : فيه نظر ، لمن كتب عنه بأخرة . انتهى [ ص: 337 ] .

فممن سمع منه قبل اختلاطه : أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، ويحيى بن معين ، وعلي بن المديني ، ووكيع في آخرين . وممن سمع منه بعد اختلاطه : أحمد بن محمد بن شبويه ، وإبراهيم بن منصور الرمادي ، ومحمد بن حماد الظهراني ، وإسحاق بن إبراهيم الدبري ، قال إبراهيم الحربي : مات عبد الرزاق وللدبري ست سنين ، أو سبع سنين . وقال ابن عدي : استصغر في عبد الرزاق ، قال الذهبي : إنما اعتنى به أبوه فأسمعه منه تصانيفه ، وله سبع سنين ، أو نحوها ، وقد احتج به أبو عوانة في صحيحه ، وغيره . انتهى . وكأن من احتج به لم يبال بتغيره ; لكونه إنما حدثه من كتبه ، لا من حفظه ، قال ابن الصلاح : وجدت فيما روى الطبراني عن الدبري عنه أحاديث استنكرتها جدا . فأحلت أمرها على ذلك ، وتوفي سنة إحدى عشرة ومائتين .

ومنهم - فيما زعموا - : ربيعة الرأي - شيخ مالك - وهو : ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، واسم أبيه : فروخ ، وهو أحد الأئمة الثقات ، احتج به الشيخان ، ولم أر من ذكر أنه اختلط إلا ابن الصلاح ، فقال : "قيل : إنه تغير في آخر عمره ، وترك الاعتماد عليه لذلك" ، فلذلك أتيت بقولي : ( فيما زعموا ) ، وقد وثقه أحمد ، وأبو حاتم ، والعجلي ، والنسائي ، وآخرون . إلا أن ابن سعد بعد أن وثقه ، [ ص: 338 ] قال : "كانوا يتقونه لموضع الرأي" ، وذكره النباتي في ذيل الكامل ، وقال : إن البستي ذكره في الزيادات ، قلت : قد ذكره البستي في الثقات ، وقال : توفي سنة ست وثلاثين ومائة .

ومنهم : صالح مولى التوأمة ، وهو : صالح بن نبهان ، اختلف في الاحتجاج به ، قال أحمد : أدركه مالك ، وقد اختلط وهو كبير ، وما أعلم به بأسا ممن سمع منه قديما ، فقد روى عنه أكابر أهل المدينة . وقال ابن معين : ثقة خرف قبل أن يموت ، فمن سمع منه قبل ، هو ثبت . وقيل له : إن مالكا تركه ، فقال : إنما أدركه بعد أن خرف ، وقال ابن المديني : ثقة إلا أنه خرف وكبر . وقال ابن حبان : "تغير في سنة خمس وعشرين ومائة وجعل يأتي بما يشبه الموضوعات عن الثقات ، فاختلط حديثه الأخير بحديثه القديم ، ولم يتميز ، واستحق الترك" . وحكى ابن الصلاح كلام ابن حبان مقتصرا عليه .

قلت : قد ميز الأئمة بعض من سمع منه قديما ، ممن سمع منه بعد التغير ، فممن سمع منه قديما : محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب ، قاله يحيى بن معين ، وعلي بن [ ص: 339 ] المديني ، والجوزجاني ، وابن عدي . وكذلك ابن جريج ، وزياد بن سعد ، قاله ابن عدي . وممن سمع منه بعد الاختلاط : مالك ، والسفيانان ، ومات سنة خمس وعشرين ومائة ، وقيل : سنة ست .

ومنهم : سفيان بن عيينة أحد الأئمة الثقات ، قال يحيى بن سعيد القطان : أشهد أنه اختلط سنة سبع وتسعين ، فمن سمع منه في هذه السنة ، وبعد هذا ، فسماعه لا شيء ، هكذا حكاه محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي ، عن القطان . قال صاحب الميزان : "وأنا أستبعده ، وأعده غلطا من ابن عمار ، فإن القطان مات في صفر من سنة ثمان وتسعين ، وقت قدوم الحاج ، ووقت تحدثهم عن أخبار الحجاز ، فمتى تمكن يحيى بن سعيد من أن يسمع اختلاط سفيان ؟ ثم يشهد عليه بذلك ، والموت قد نزل به ، ثم قال : فلعله بلغه ذلك في أثناء سنة سبع . وقال سمع منه فيها ، أي : سنة سبع ، محمد بن عاصم صاحب ذلك الجزء العالي ، قال : ويغلب على ظني أن سائر شيوخ الأئمة الستة سمعوا منه قبل سنة سبع ، فأما سنة ثمان وتسعين ففيها مات ، ولم يلقه أحد فيها ، فإنه توفي قبل قدوم الحاج بأربعة أشهر . قال ابن الصلاح : "ويحصل نظر في كثير من العوالي الواقعة عمن تأخر سماعه من ابن عيينة ، وأشباهه" ، وقال ابن الصلاح : "إنه توفي سنة تسع وتسعين" [ ص: 340 ] .

قلت : والمعروف ما تقدم ، فإنه مات بمكة يوم السبت ، أول شهر رجب سنة ثمان وتسعين ، قاله محمد بن سعد ، وابن زبر ، وابن حبان ، إلا أنه قال آخر يوم من جمادى الآخرة .

ومنهم : المسعودي ، وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود ، قال ابن سعد : ثقة إلا أنه اختلط في آخر عمره ، ورواية المتقدمين عنه صحيحة . وقال أبو حاتم : "تغير بأخرة قبل موته بسنة ، أو سنتين" وقال محمد بن عبد الله بن نمير : كان ثقة ، فلما كان بأخرة اختلط . وقال أحمد : إنما اختلط ببغداد ، ومن سمع منه بالكوفة والبصرة ، فسماعه جيد . وقال ابن معين : من سمع منه زمان أبي جعفر ، فهو صحيح السماع ، ومن سمع منه في زمان المهدي فليس سماعه بشيء . قلت : وكانت وفاة أبي جعفر المنصور بمكة في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ، وكانت مدة اختلاطه ، كما قال أبو حاتم ، فإن المسعودي مات سنة ستين ومائة ببغداد ، وقال ابن حبان : اختلط حديثه فلم يتميز ، فاستحق الترك . وكذا قال أبو الحسن بن القطان : كان لا يتميز في الأغلب ما رواه قبل اختلاطه ، مما رواه بعد [ ص: 341 ] .

قلت : قد ميز الأئمة بين جماعة ممن سمع منه في الصحة ، أو الاختلاط . فممن سمع منه قديما قبل الاختلاط : وكيع ، وأبو نعيم الفضل بن دكين ، قاله أحمد بن حنبل . وممن سمع منه بعد الاختلاط : أبو النضر هاشم بن القاسم وعاصم بن علي ، قاله أحمد أيضا ، وكذلك سمع منه بأخرة : عبد الرحمن بن مهدي ، ويزيد بن هارون ، قاله ابن نمير . وقد قيل : إن أبا داود الطيالسي سمع منه بعد ما تغير ، قاله سلم بن قتيبة .

ومنهم من المتأخرين : أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة حفيد الحافظ أبي بكر بن خزيمة ، وكذلك أبو أحمد محمد بن أحمد بن الحسين الغطريفي الجرجاني ، فذكر الحافظ أبو علي البرذعي ، ثم السمرقندي في معجمه أنه بلغه أنهما اختلطا في آخر عمرهما .

قلت : أما الحفيد فقد اختلط قبل موته بثلاث سنين وتجنب الناس الرواية عنه ، توفي سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ، وقد احتج الإسماعيلي بالغطريفي في صحيحه ، وتوفي سنة سبع وسبعين وثلاثمائة .

ومنهم : أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي راوي مسند أحمد والزهد له .

قال ابن الصلاح : اختل في آخر عمره ، وخرف ، حتى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه ، وقال صاحب الميزان : ذكر هذا أبو الحسن بن الفرات ، ثم قال : فهذا [ ص: 342 ] غلو وإسراف ، وقد وثقه البرقاني ، والحاكم . وتوفي سنة ثمان وستين وثلاثمائة ، لسبع بقين من ذي الحجة ، قال ابن الصلاح : "واعلم أن ما كان من هذا القبيل محتجا بروايته في الصحيحين ، أو أحدهما ، فإنا نعرف على الجملة : أن ذلك مما تميز وكان مأخوذا عنه قبل الاختلاط ، والله أعلم" .

التالي السابق


الخدمات العلمية