صفحة جزء
38 - قوله: (ع): "والذي صححه الأصوليون هو: أن الاعتبار بما وقع منه أكثر ..." إلى آخره.

هذا قول بعض الأصوليين كالإمام فخر الدين ، وقد ذكر البيضاوي المسألة في المنهاج ومال إلى ترجيح القبول مطلقا [ ص: 610 ] .

ونقل الماوردي عن مذهب الشافعي في مسألة الوقف والرفع أن الوقف يحمل على أنه رأي الراوي.

والمسند على أنه روايته.

قلت: ويختص هذا بأحاديث الأحكام أما ما لا مجال للرأي فيه فيحتاج إلى نظر.

وما نقله الماوردي عن مذهب الشافعي قد جزم به أبو الفرج ابن الجوزي وأبو الحسن ابن القطان ، وزاد أن الرفع يترجح بأمر آخر وهو تجويز أن يكون الواقف قد قصر في حفظه أو شك في رفعه.

قلت: وهذا غير ما فرضناه في أصل المسألة - والله أعلم - .

ثم إنه يقابل بمثله فيترجح الوقف بتجويز أن يكون الرافع تبع العادة وسلك الجادة .

ومثال ذلك ما رواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو بالحزورة: "والله إني لأعلم أنك خير أرض الله ..." الحديث [ ص: 611 ] .

ورواه الزهري عن أبي سلمة عن عبد الله بن عدي بن الحمراء -رضي الله عنه- وهو المحفوظ والحديث حديثه وهو مشهور به.

وقد سمعه الزهري أيضا من محمد بن جبير بن مطعم عن عبد الله بن عدي - رضي الله عنه - وسلك محمد بن عمرو الجادة فقال عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .

واعلم أن هذا كله إذا كان للمتن سند واحد.

أما إذا كان له سندان، فلا يجري فيه هذا الخلاف.

وقد روى البخاري في صحيحه من طريق ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا اختلطوا فإنما هو التكبير والإشارة بالرأس ..." الحديث. وعن ابن جريج عن ابن كثير ، عن مجاهد موقوفا.

فلم يتعارض الوقف والرفع هنا، لاختلاف الإسنادين - والله أعلم -.

التالي السابق


الخدمات العلمية