[ ص: 416 ]  36 - قوله: (ص): إذا كان راوي الحديث متأخرا عن درجة أهل الحفظ والإتقان غير أنه من المشهورين (بالصدق والستر) ، وروي حديثه من غير وجه، فقد اجتمعت له القوة من الجهتين، وذلك يرقي حديثه من درجة الحسن إلى درجة الصحيح . 
مثاله: "حديث ( 
محمد بن عمرو بن علقمة   ) عن 
أبي سلمة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة   - رضي الله عنه... " إلى آخر كلامه. 
وفيه أمور: 
أحدها: أن ظاهر كلامه أن 
شرط الصحيح أن يكون راويه حافظا متقنا وقد بينا ما فيه فيما سبق. 
وثانيها: أن وصف الحديث بالصحة إذا قصر عن رتبة الصحيح وكان  
[ ص: 417 ] على شرط الحسن إذا روي من وجه آخر لا يدخل في التعريف الذي عرف به الصحيح أولا. 
فإما أن يزيد في حد الصحيح ما يعطي أن هذا أيضا يسمى صحيحا، وإما أن لا يسمى هذا صحيحا، والحق أنه من طريق النظر أنه يسمى صحيحا، وينبغي أن يزاد في 
التعريف بالصحيح فيقال: "هو الحديث الذي يتصل إسناده بنقل العدل [التام] الضبط أو القاصر عنه إذا اعتضد عن مثله إلى منتهاه ولا يكون شاذا ولا معللا". 
وإنما قلت ذلك لأنني اعتبرت كثيرا من أحاديث الصحيحين فوجدتها لا يتم الحكم عليها بالصحة إلا بذلك. 
ومن ذلك حديث 
أبي بن العباس بن سهل بن سعد  عن أبيه عن  
[ ص: 418 ] جده رضي الله تعالى عنه في ذكر خيل النبي صلى الله عليه وسلم. 
وأبي  هذا قد ضعفه لسوء حفظه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل   nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين   nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي  ، ولكن تابعه عليه أخوه 
عبد المهيمن بن العباس  ؛ أخرجه 
 nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه  من طريقه. 
وعبد المهيمن  أيضا فيه ضعف، فاعتضد. 
وانضاف إلى ذلك أنه ليس من أحاديث الأحكام، فلهذه الصورة المجموعية حكم 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  بصحته.  
[ ص: 419 ] وكذا حكم بصحة حديث 
معاوية بن إسحاق بن طلحة  عن عمته 
عائشة بنت طلحة  عن 
عائشة  رضي الله عنها أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الجهاد فقال - صلى الله عليه وسلم - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=652663جهادكن الحج والعمرة  . 
 nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية  ضعفه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12013أبو زرعة  ووثقه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد   nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي   . 
وقد تابعه عليه عنده 
حبيب بن أبي عمرة  فاعتضد. 
في أمثلة كثيرة قد ذكرت الكثير منها في مقدمة شرح 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري   . 
ويوجد في كتاب 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم  منها أضعاف ما في 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري   . والله أعلم 
 [الحسن قسمان:] 
وقياس ما ذكر 
 nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح  أن 
الحسن قسمان  : 
أحدهما ما هو لذاته. والآخر ما هو لغيره. 
وكون الصحيح كذلك. ويكون القسم الذي هو صحيح أو حسن لذاته أقوى من الآخر، وتظهر فائدة ذلك عند التعارض وكذلك أقول في الضعيف.  
[ ص: 420 ] إذا روي بأسانيد كلها قاصرة عن درجة الاعتبار حيث لا يجبر بعضها ببعض أنه أمثل من ضعيف روي بإسناد واحد كذلك، وتظهر فائدة ذلك في جواز العمل به أو منعه مطلقا - والله أعلم - . 
ثالثها: أنه اعترض عليه في المثال الذي مثل به وهو حديث: "لولا أن أشق... " من طريق 
محمد بن عمرو بن علقمة  عن 
أبي سلمة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة   - رضي الله تعالى عنه - بأن الحكم بصحته إنما جاء من جهة أنه روي من طريق أخرى صحيحة لا مطعن فيها. منها في الصحيحين من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة   - رضي الله تعالى عنه - والمثال اللائق هنا أن يذكر حديث له أسانيد كل منها لا يرتقي عن درجة الحسن قد حكم له بالصحة باعتبار مجموع تلك الطرق. 
والجواب عن المصنف أن المثال الذي أورده مستقيم والذي طولب به قسم من المسألة. 
وذلك أن الحديث الذي يروى بإسناد حسن لا يخلو إما أن يكون فردا أو له متابع. 
الثاني لا يخلو المتابع إما أن يكون دونه أو مثله أو فوقه فإن كان دونه فإنه لا يرقيه عن درجته.  
[ ص: 421 ] قلت: قد يفيده إذا كان عن غير متهم بالكذب قوة ما يرجح بها لو عارضه حسن آخر بإسناد غريب. 
وإن كان مثله أو فوقه فكل منهما يرقيه إلى درجة الصحة. 
فذكر المصنف مثالا لما فوقه ولم يذكر مثالا لما هو مثله. 
وإذا كانت الحاجة ماسة إليه فلنذكره نيابة عنه وأمثلة كثيرة قد ذكرنا منها الحديثين اللذين أوردناهما من الصحيح قبل هذا. 
ومنها: ما رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي  من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل  عن 
عامر بن شقيق  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16115أبي وائل  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان   - رضي الله عنه - قال: 
nindex.php?page=hadith&LINKID=662399إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخلل لحيته  . 
تفرد به 
عامر بن شقيق  ، وقد قواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري   nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي   nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان  ولينه 
 nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين   nindex.php?page=showalam&ids=11970وأبو حاتم  وحكم 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  فيما حكاه 
 nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي  في العلل  
[ ص: 422 ] بأن حديثه هذا حسن، وكذا قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  فيما حكاه عنه 
 nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود   : أحسن شيء في هذا الباب حديث 
عثمان   - رضي الله تعالى عنه - . 
وصححه مطلقا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي   nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني   nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة   nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم  وغيرهم. 
وذلك لما عضده من الشواهد، كحديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=11916أبي المليح الرقي  عن 
الوليد بن زوران  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس   - رضي الله عنه - .  
[ ص: 423 ] أخرجه 
 nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود  وإسناده حسن؛ لأن 
الوليد  وثقه 
 nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان  ولم يضعفه أحد وتابعه عليه 
 nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابت البناني  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس   - رضي الله عنه - . 
أخرجه 
 nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني  في الكبير من رواية 
عمر بن إبراهيم العبدي  عنه، 
 nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر  لا بأس به. 
ورواه 
الذهلي  في الزهريات من طريق 
الزبيدي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس   - رضي الله عنه - إلا أن له علة غير قادحة، كما قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=17293ابن القطان   . 
ورواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي   nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم  من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة  عن 
حسان بن بلال  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر  وهو معلول وله شواهد أخرى دون ما ذكر في المرتبة، وبمجموع  
[ ص: 424 ] ذلك حكموا على أصل الحديث بالصحة وكل طريق منها بمفردها لا يبلغ درجة الصحيح - والله أعلم - .