المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
2982 (28) باب

من قال: إن البر والشعير صنف واحد

[ 1683 ] عن معمر بن عبد الله: أنه أرسل غلامه بصاع قمح فقال: بعه ثم اشتر به شعيرا، فذهب الغلام فأخذ صاعا وزيادة بعض صاع، فلما جاء معمرا أخبره بذلك، فقال له معمر: لم فعلت ذلك؟ انطلق فرده ولا تأخذن إلا مثلا بمثل، فإني كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الطعام بالطعام مثلا بمثل". وكان طعامنا يومئذ الشعير، وقيل: فإنه ليس بمثله. قال: إني أخاف أن يضارع.

رواه أحمد (6 \ 400-401)، ومسلم (1592).
(28) ومن باب من قال: إن البر والشعير صنف واحد قد تقدم ذكر الخلاف في عد البر والشعير صنفا واحدا بما يغني عن إعادته، لكنا نبين في هذا الحديث: أن حديث معمر لا حجة فيه لأصحابنا، وإن كانوا قد [ ص: 481 ] أطبقوا على الاحتجاج به. ووجه ذلك: أن غايتهم في التمسك به أن يحتجوا بمذهب معمر . وهو صحابي، وهو أعلم بالمقال، وأقعد بالحال.

قلت: إن قول معمر هذا رأي منه، لا رواية. وما استدل به من قوله صلى الله عليه وسلم: ( الطعام بالطعام ) لا حجة له فيه؛ لأنه إن حمل على عمومه لزم منه: ألا يباع التمر بالبر، ولا الشعير بالملح، إلا مثلا بمثل. وذلك خلاف الإجماع، فظهر: أن المراد به: الجنس الواحد من الطعام. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الأجناس المختلفة في حديث عبادة بن الصامت وغيره، وفصلها واحدا واحدا، ففصل التمر عن البر، والشعير عنه، ثم قال بعد ذلك: ( فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم ). ثم الظاهر من فتيا معمر : أنها إنما كانت تقية وخوفا. ألا ترى نصه، حيث قال: إني أخاف أن يضارع؟ ! والحجة في قول النبي صلى الله عليه وسلم لا في قول غيره.

التالي السابق


الخدمات العلمية