صفحة جزء
( وإذا سكت ) النبي صلى الله عليه وسلم ( عن إنكار ) فعل أو قول ، فعل أو قيل ( بحضرته أو ) في ( زمنه من غير كافر ) وكان النبي صلى الله عليه وسلم ( عالما به دل على جوازه ) حتى لغير الفاعل أو القائل في الأصح ( وإن ) كان ذلك الفعل أو القول الواقع بحضرته أو زمنه من غير كافر قد ( سبق تحريمه ف ) سكوت النبي صلى الله عليه وسلم عن إنكاره ( نسخ ) لذلك التحريم السابق ، لئلا يكون سكوته محرما ، ولأن فيه تأخير البيان عن وقت الحاجة لإيهام الجواز والنسخ ، ولا سيما إن استبشر به . ولذلك احتج الإمام أحمد والإمام الشافعي رضي الله تعالى عنهما في إثبات النسب بالقافة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها { أن مجززا المدلجي ، رأى أقدام زيد بن حارثة وابنه أسامة ، وهما متدثران . فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض ، فسر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وأعجبه } متفق عليه . وقيد ابن الحاجب المسألة بكونه قادرا عليه ، ولا حاجة إلى ذلك ; لأن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن وجوب إنكاره المنكر لا يسقط عنه بالخوف على نفسه . ( فائدة : التأسي ) برسول الله صلى الله عليه وسلم ( فعلك ) أي أن تفعل ( كما فعل لأجل أنه فعل ) وأما التأسي في الترك : فهو أن تترك ما تركه ، لأجل أنه تركه ( و ) أما التأسي ( في القول ف ) هو ( امتثاله على الوجه الذي اقتضاه ) ، ( وإلا ) [ ص: 220 ] أي وإن لم يكن كذلك في الكل ( ف ) هو ( موافقة لا متابعة ) لأن الموافقة المشاركة في الأمر ، وإن لم يكن لأجله . فالموافقة أعم من التأسي ; لأن الموافقة قد تكون من غير تأس ، ثم التأسي والوجوب بالسمع لا بالعقل . خلافا لبعض الأصوليين .

التالي السابق


الخدمات العلمية