صفحة جزء
الواو ( الواو العاطفة ) تكون ( لمطلق الجمع ) أي : القدر المشترك بين الترتيب والمعية .

عند الأئمة الأربعة وأكثر النحاة ، وهي تارة تعطف الشيء على صاحبه ، كقوله تعالى ( { فأنجيناه وأصحاب السفينة } ) وعلى سابقه كقوله تعالى ( { ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم } ) وعلى لاحقه كقوله تعالى ( { كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك } ) فعلى هذا إذا قيل " قام زيد وعمرو " احتمل ثلاث معان : المعية عند الأئمة الأربعة وأكثر النحاة والترتيب ، وعدمه . [ ص: 74 ] قال ابن مالك : وكونها للمعية راجح ، وللترتيب كثير ، ولعكسه قليل ، ويجوز أن يكون بين متعاطفيها تفاوت أو تراخ نحو ( { إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين } ) والتعبير بكونها لمطلق الجمع ، كما في المتن : هو الصحيح .

وأما من عبر بكونها للجمع المطلق ، فليس بواف بالمراد ; لأن المطلق هو الذي لم يقيد بشيء ، فيدخل فيه صورة واحدة ، وهو قولنا مثلا : قام زيد وعمرو فلا يدخل فيه القيد بالمعية ، ولا بالتقديم ، ولا بالتأخير لخروجها بالتقييد عن الإطلاق . وأما مطلق الجمع : فمعناه : أي جمع كان . فحينئذ تدخل فيه الصور كلها ، ومما يشبه ذلك : مطلق الأمر ، والأمر المطلق ، فإذا قلت " الأمر المطلق " فقد أدخلت اللام على الأمر ، وهي تفيد العموم والشمول ، ثم وصفته بعد ذلك بالإطلاق ، بمعنى أنه لم يقيد بقيد يوجب تخصيصه من شرط أو صفة أو غيرهما .

فهو عام في كل فرد من الأفراد التي هذا شأنها . وأما مطلق الأمر : فالإضافة فيه ليست للعموم ، بل للتمييز . فهو قدر مشترك بين مطلق لا عام ، فيصدق بفرد من أفراده . وعلى هذا : فمطلق البيع ينقسم إلى جائز وغيره . والبيع المطلق للجائز فقط ، والأمر المطلق للوجوب ، ومطلق الأمر ينقسم إلى واجب ومندوب ، والماء المطلق طهور ، ومطلق الماء ينقسم إلى طهور وغيره . والملك المطلق هو الذي يثبت للحر ، ومطلق الملك يثبت للحر والعبد فإذا قيل : العبد هل يملك أو لا ؟ كان الصواب إثبات مطلق الملك له دون الملك المطلق .

وإذا قيل . الفاسق مؤمن أو غير مؤمن ؟ ، فهو على هذا التفصيل . وبهذا التحقيق يزول الإشكال في مسألة المندوب . هل هو مأمور به أم لا ؟ وفي مسألة الفاسق : المسلم هل هو مؤمن أم لا ؟ . ( وتأتي ) الواو ( بمعنى مع ) كقولهم : جاء البرد والطيالسة ، ونحوه من المفعول معه ( و ) تأتي بمعنى ( أو ) كقوله تعالى ( { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع } ) وقوله ( { أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع } ) .

( و ) تأتي بمعنى ( رب ) كقوله :

وبلدة ليس بها أنيس

وقول الآخر :

ونار لو نفخت بها أضاءت     ولكن أنت تنفخ في رماد

[ ص: 75 ] ( و ) تأتي الواو ( لقسم ) كقوله تعالى ( { والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر } ) ( و ) تأتي ( لاستئناف ) وهو كثير ( و ) تأتي ل ( حال ) أي : بمعنى الحال . نحو جاء زيد والشمس طالعة ، جاء زيد وهو يضحك

التالي السابق


الخدمات العلمية