صفحة جزء
[ هل يفعل بالجاني مثل ما فعل بالمجني عليه ؟ ]

ومن ذلك المماثلة في القصاص في الجنايات الثلاث على النفوس والأموال والأعراض ، فهذه ثلاث مسائل : الأولى : هل يفعل بالجاني كما يفعل بالمجني عليه ؟ فإن كان الفعل محرما لحق الله كاللواط وتجريعه الخمر لم يفعل به كما فعل اتفاقا ، وإن كان غير ذلك كتحريقه بالنار وإلقائه في الماء ورض رأسه بالحجر ومنعه من الطعام والشراب حتى يموت فمالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايات عنه يفعلون به كما فعل ، ولا فرق بين الجرح المزهق وغيره ، وأبو حنيفة وأحمد في رواية عنه يقولان : لا يقتل إلا بالسيف في العنق خاصة وأحمد [ في ] رواية ثالثة يقول : إن كان الجرح مزهقا فعل به كما فعل ، وإلا قتل بالسيف .

وفي رواية رابعة يقول : إن كان مزهقا ، أو موجبا للقود بنفسه لو انفرد فعل به كما فعل ، وإن كان غير ذلك قتل بالسيف ، والكتاب والميزان مع القول الأول ، وبه جاءت السنة ، فإن { النبي صلى الله عليه وسلم رض رأس اليهودي بين حجرين كما فعل بالجارية } ، وليس هذا قتلا لنقضه العهد ; لأن ناقض العهد إنما يقتل بالسيف في العنق ، وفي أثر مرفوع { من حرق [ ص: 247 ] حرقناه ، ومن غرق غرقناه } وحديث { لا قود إلا بالسيف } قال الإمام أحمد : ليس إسناده بجيد ، والثابت عن الصحابة أنه يفعل به كما فعل ، فقد اتفق على ذلك الكتاب والسنة والقياس وآثار الصحابة ، واسم القصاص يقتضيه ; لأنه يستلزم المماثلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية