( فائدة ) الظن المستفاد من إخبار أكابر الصحابة آكد من الظن المستفاد من غيرهم من عدول الأزمان بعدهم ، ولا تشترط المساواة بينهم وبين عدول سائر القرون ، فإن ذلك يؤدي إلى إغلاق باب الشهادة والرواية ، بل الموجب لقبول شهادة الصحابة إنما هو مساواتهم إيانا في حفظ المروءة ، والانكفاف عن الكبائر ، وعن الإصرار على الصغائر والزيادة مؤكدة ليست شرطا في القبول . 
وكذلك القول في 
العدالة المشروطة في القضاة والخلفاء والولاة ، إذ لو شرطت الزيادة على ذلك لفاتت المصالح المتعلقة بالقضاة والخلفاء وغيرهما من الولاة ، بل لو تعذرت العدالة في جميع الناس لما جاز تعطيل المصالح المذكورة بل قدمنا أمثل الفسقة فأمثلهم ، وأصلحهم للقيام بذلك فأصلحهم ، بناء على  
[ ص: 45 ] أنا إذا أمرنا أتينا منه بما قدرنا عليه ويسقط عنا ما عجزنا عنه ، ولا شك أن حفظ البعض أولى من تضييع الكل ، وقد قال 
شعيب  عليه السلام : { 
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت   } ، وقال الله تعالى : { 
فاتقوا الله ما استطعتم   } ، فعلق تحصيل مصالح التقوى على الاستطاعة ، فكذلك المصالح كلها . 
ولمثل هذا قلنا : إذا 
عم الحرام بحيث لا يوجد حلال فلا يجب على الناس الصبر إلى تحقق الضرورة ، لما يؤدي إليه من الضرر العام .