صفحة جزء
ثم تقسم الغنيمة بعد إخراج الخمس والرضخ منها بين من شهد الوقعة من أهل الجهاد ، وهم الرجال الأحرار المسلمون الأصحاء يشترك فيها من قاتل ومن لم يقاتل ، لأن من لم يقاتل عون للقاتل وردء له عند الحاجة ، وقد اختلف في قوله تعالى : { وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا } على تأويلين : أحدهما أنه تكثير السواد وهذا قول السدي وابن جريج .

والثاني أنه المرابطة على الخيل وهو قول ابن عون وتقسم الغنيمة بينهم قسمة الاستحقاق لا يرجع فيها إلى خيار القاسم ووالي الجهاد وقال مالك : مال الغنيمة موقوف على رأي الإمام ، إن شاء قسمه بين الغانمين تسوية وتفضيلا وإن شاء أشرك معهم غيرهم ممن لم يشهد الوقعة وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : { الغنيمة لمن شهد الوقعة } .

ما يدفع هذا المذهب وإذا اختص بها من شهد الوقعة وجب أن يفضل الفارس على الراجل لفضل عنائه واختلف في قدر تفضيله ، فقال أبو حنيفة : يعطى الفارس سهمين والراجل سهما واحدا وقال الشافعي : يعطى الفارس ثلاثة أسهم والراجل سهما واحدا ولا يعطى سهم الفارس إلا لأصحاب الخيل خاصة ، ويعطى ركاب البغال والحمير والجمال والفيلة سهام الرجالة ، ولا فرق بين عتاق الخيل وهجانها ، وقال سليمان بن ربيعة لا يسهم إلا للعتاق السوابق وإذا شهد الوقعة بفرس أسهم له وإن لم يقاتل عليه وإذا خلفه في العسكر لم يسهم له وإذا حضر الوقعة بأفراس لم يسهم إلا لفرس واحد ، وبه [ ص: 179 ] قال أبو حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف : يسهم لفرسين وبه قال الأوزاعي .

وقال ابن عيينة يسهم لما يحتاج إليه ولا سهم لما لا يحتاج إليه ومن مات فرسه بعد حضور الوقعة أسهم له ، ولو مات قبلها لم يسهم له ، وكذلك لو كان هو الميت ، وقال أبو حنيفة : إن مات هو وفرسه بعد دخول دار الحرب أسهم له وإذا جاءهم مدد قبل انجلاء الحرب شاركوهم في الغنيمة ، وإن جاءوا بعد انجلائها لم يشاركوهم : وقال أبو حنيفة : إن دخلوا دار الحرب قبل انجلائها شاركوهم ويسوى في قسمة الغنائم بين مرتزقة الجيش وبين المتطوعة إذا شهد جميعهم الوقعة

التالي السابق


الخدمات العلمية