التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
وقوله: وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها الآية.

ذكر المفسرون: أن الحمس -وهم قريش، وبنو عامر بن صعصعة، وثقيف- كان أحدهم إذا أحرم؛ لم يسلأ السمن، ولم يبع الوبر، ولم يدخل من باب [ ص: 454 ] بيت، وسموا حمسا: لتشددهم في دينهم.

وقيل: كانوا إذا رجع أحدهم لحاجة؛ نقب في الجدار من وراء الحجرة، فدخل؛ لئلا يدخل من السقيفة، فتحول بينه وبين السماء؛ لأنهم كانوا لا يحول بينهم وبين السماء حائل.

وقيل: كان قوم إذا خرج أحدهم في حاجته فلم يظفر بها؛ رجع فلم يدخل من باب بيته.

أبو عبيدة : معنى الآية: اطلبوا الخير من بابه، ومن أهله، ولا تطلبوه من الجهال من المشركين.

ابن الأنباري : فسر بعض الناس ظهور البيوت بإتيان النساء في أدبارهن، فمعنى وأتوا البيوت من أبوابها : ائتوا النساء في فروجهن.

وقوله: والفتنة أشد من القتل : (الفتنة): الشرك، عن قتادة .

[ ص: 455 ] مجاهد : ارتداد المسلم عن دينه أشد عليه من أن يقتل.

وسمي الكفر فتنة؛ لأنه يظهر بالاختبار، وأصل (الفتنة): الاختبار، وقيل: سمي بذلك؛ لأنه يؤدي إلى الهلاك، كما تؤدي الفتنة.

ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قيل: إن (الباء) زائدة، وقيل: دخلت؛ لأن المعنى: (لا تهلكوا أنفسكم بأيديكم)، وتقدم معنى الآية.

وواحد (الهدي): هدية، أبو عمرو : لا يعرف له نظير إلا (جدية السرج، وجدي).

المبرد : هو مطرد في الأجناس، كتمرة وتمر، وشرية وشري.

الفراء : لا واحد له، وأصل (الهدي) من: الهدية.

وقوله: فإذا أفضتم من عرفات أي: اندفعتم، من قوله: (فاض الإناء) ؛ إذا امتلأ حتى ينصب من نواحيه.

وسميت عرفات؛ لأن جبريل عليه السلام كان يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: هذا موضع كذا، فيقول: قد عرفت، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والحسن البصري، وغيرهما.

[ ص: 456 ] وعن الحسن أيضا: أمر إبراهيم بالخروج إلى عرفات، ونعتت له، فلما جاءها؛ عرفها بنعتها، فقال: عرفت، فسميت عرفات، [فلما أمسى؛ ازدلف إلى جمع؛ فسميت مزدلفة .

وقيل: سميت عرفات ]؛ لأن آدم عليه السلام تعارف فيها مع حواء بعد هبوطهما من الجنة وافتراقهما.

وإن كنتم من قبله لمن الضالين أي: من قبل الهدى.

{وإن}: مخففة من الثقيلة؛ يدل على ذلك دخول لام الابتداء.

وقيل: {إن} بمعنى (ما)، و (اللام) بمعنى (إلا).

وقوله: ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة الحسنة : الحسنة في الدنيا: العلم والعبادة، وفي الآخرة: الجنة.

قتادة : في الدنيا: عافية، وفي الآخرة: عافية.

وقيل: الحسنة في الدنيا: المال.

أولئك لهم نصيب مما كسبوا : حظ من ثواب كسبهم.

والله سريع الحساب أي: سريع المجازاة للعباد.

[وقيل: المعنى: أنه سريع العلم بكل محسوب؛ إذ الفائدة في استعمال الحساب ليدرك به العلم، فسمي العلم حسابا لذلك.

وقيل: معناه: سريع القبول للدعاء؛ لأنه يجيب الداعين في أشياء مختلفة في وقت واحد، فيجزي كل واحد منهم بمقدار استحقاقه ومصالحه].

[ ص: 457 ] وقيل: قال ذلك؛ لأنه يحاسب العبد لا عن روية، ولا تأمل، [فهو يحاسبه في وقت يسير]، [لا إله إلا هو الرحمن الرحيم].

التالي السابق


الخدمات العلمية