التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
[ ص: 141 ] يخادعون الله أي: يخادعونه عند أنفسهم، وعلى ظنهم، وقيل: قال ذلك; لعلمهم عمل المخادع، وقيل: المعنى: يخادعون رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الحسن، وغيره.

وما يخدعون إلا أنفسهم أي: عقوبة خداعهم راجعة عليهم، وأصل (الخديعة) في اللغة: الإخفاء.

وما يشعرون [أي: ليس يشعرون] أن وبال ذلك راجع عليهم.

في قلوبهم مرض أي: شك ونفاق.

فزادهم الله مرضا أي: شكا ونفاقا جزاء على كفرهم، وقيل: زادهم مرضا بما أنزل من الآيات فكفروا بها.

بما كانوا يكذبون أي: بتكذيبهم الرسل، ومعنى التخفيف: بكذبهم وقولهم: آمنا، وليسوا بمؤمنين.

وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون قالوا ذلك; إظهارا للإصلاح وهم فيه كاذبون، وقيل: لأن إفسادهم عندهم إصلاح.

ألا إنهم هم المفسدون [الفائدة في قوله: ألا إنهم هم المفسدون إعلام [ ص: 142 ] الناس أن المنافقين قالوا: إن محمدا مفسد، فرد الله تعالى عليهم قولهم بالألف واللام إشارة إلى قولهم].

ولكن لا يشعرون أي: لا يشعرون أن الله تعالى يطلع نبيه على إفسادهم.

وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس الناس} : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن ابن عباس، وعنه أيضا: مؤمنو أهل الكتاب.

قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء أصل (السفه) : الخفة، فهو في الناس خفة الحلم.

وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا هذا كله في المنافقين.

وإذا خلوا إلى شياطينهم يعني: رؤساءهم في الكفر، عن ابن عباس .

الكلبي: يعني: شياطين الجن، ودخول {إلى} ههنا على معنى: خلوا من المؤمنين إلى شياطينهم، وقيل: {إلى} بمعنى: (مع) .

الله يستهزئ بهم أي: يجازيهم على استهزائهم، والعرب تستعمل ذلك كثيرا.

وقيل: هو إظهاره لهم في الدنيا خلاف ما لهم في الآخرة.

وقيل: هو أخذه إياهم من حيث لا يعلمون.

وقيل: معناه: يعيبهم.

وقيل: يعطي المؤمنين في القيامة نورا، فيتبعه المنافقون، فيحال بينهم وبينه.

[ ص: 143 ] وقيل: تفتح أبواب النار، فإذا هموا بالخروج منها أغلقت دونهم، روي معناه عن ابن عباس .

وقيل: تخمد النار، فيمشون عليها، فتخسف بهم، روي معناه عن الحسن .

ويمدهم في طغيانهم يعمهون أي: يملي لهم، عن ابن عباس، وابن مسعود، و {طغيانهم} : غلوهم في كفرهم، ومعنى {يعمهون} : يتحيرون، مجاهد : يترددون في ضلالتهم.

أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى العرب تستعمل ذلك كثيرا في كل من استبدل شيئا بشيء.

فما ربحت تجارتهم العرب تقول: (ربح تجره) على الاتساع، والمعنى: ربح في تجره.

وما كانوا مهتدين أي: في اشترائهم الضلالة بالهدى، وقيل: في علم الله تعالى.

مثلهم كمثل الذي استوقد نارا قيل: معناه: أوقدها، وقيل: استوقدها من غيره، و {الذي} : اسم مبهم يقع للواحد والجميع، فلذلك شبه الجماعة به، وقيل: لأن القصد إلى تشبيه الفعل بالفعل، لا تشبيه العين بالعين.

[ ص: 144 ] وهذا مثل ضربه الله تعالى للمنافق; لأنه أظهر الإسلام، فحقن به دمه، ومشى في حرمته وضيائه، ثم سلبه في الآخرة عند حاجته إليه، روي معناه عن الحسن، وغيره.

التالي السابق


الخدمات العلمية