التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
وقوله: ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم قال ابن عباس : التعريض في العدة: أن يقول لها: (إني أريد أن أتزوج) ، و(وددت لو أني تزوجتك) ، و(إني فيك لراغب) .

[ ص: 529 ] القاسم بن محمد: هو أن يقول لها: (إنك علي لكريمة) ، (إني فيك لراغب) ، و(إن الله لسائق إليك خيرا ورزقا) ، ونحوه من القول.

فإن خطب في العدة، وسمى الصداق، وواعد; فقال مالك : فراقها أحب إلي، وتكون تطليقة واحدة، ثم يدعها حتى تحل ويخطبها.

وقال الشافعي : النكاح ثابت إذا عقد بعد انقضاء العدة، والتصريح في العدة مكروه.

علم الله أنكم ستذكرونهن قال مجاهد : في أنفسكم، وقال الحسن : في الخطبة.

ولكن لا تواعدوهن سرا قال ابن جبير : السر: أن يعاقدها ألا تتزوج غيره.

النخعي، والحسن، وأبو مجلز : السر: الزنى، وهو اختيار الطبري .

ابن زيد : لا تنكحوهن وتخفوا النكاح، فإذا خرجت من العدة; أظهرتموه.

و(السر) في اللغة يكون على ثلاثة أوجه:

[ ص: 530 ] الإخفاء في النفس، والغشيان، والشرف في الحسب; يقال: (فلان من سر قومه) ؛ إذا كان من صميمهم.

إلا أن تقولوا قولا معروفا يعني: التعريض.

ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله : {الكتاب} : القرآن، فالمعنى: فرض الكتاب.

الزجاج : {الكتاب} : هو الفرض نفسه، والمراد به: انقضاء العدة.

لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن الآية.

ليست المتعة عند مالك، وابن أبي سلمة واجبة في شيء من الأحوال، ويؤمر بها المطلق، ولا يجبر.

وقال النخعي، والشعبي، وأبو حنيفة، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور : هي واجبة لكل مطلقة لم يفرض لها.

وقال الحسن، والزهري، وغيرهما: [لكل مطلقة متعة.

[ ص: 531 ] ولا حد للمتعة عند مالك، والثوري، وغيرهما].

ابن عباس : أرفعها الخادم، ودون ذلك الكسوة، ودون الكسوة النفقة.

عطاء: أوسطها: الدرع، والملحفة، والخمار.

أبو حنيفة : ذلك أدناها.

حماد بن أبي سليمان : إذا طلقها ولم يكن دخل بها، ولم يكن فرض لها; أجبر على نصف صداق مثلها.

وقد بسطت القول في ذلك في «الكبير» .

وقوله: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم : وجوب نصف الصداق على من لم يدخل إجماع.

وروي عن ابن المسيب أنه قال: في هذه الآية حكم ناسخ للآية التي في (الأحزاب) ؛ وهي: فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا [الأحزاب: 49] في المطلقة قبل الدخول; يعني: أنها نسخت المتعة بنصف الصداق.

[ ص: 532 ] ومذهب الأوزاعي، والثوري، وأبي حنيفة، وأصحابه: أن الصداق يجب كاملا بإرخاء الستر، وإغلاق الباب.

وقال مالك : إن دخل عليها في بيتها; صدق عليها، وإن دخلت عليه في بيته; صدقت عليه.

وذهب شريح، والشعبي، وابن سيرين، وغيرهم: إلى أنه لا يجب إلا بالمسيس، وهو مذهب الشافعي .

وقوله: إلا أن يعفون يعني: النساء البوالغ اللواتي أمرهن إليهن، ولا ولاية لأحد عليهن.

أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح روي عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، وغيرهما: أنه الزوج، وهو مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، وأصحابه.

و(عفوه) : أن يدفع الصداق كاملا، وليس عليه غير نصفه.

وقال الحسن، ومجاهد، والزهري، وغيرهم: هو الولي.

مالك : هو الأب في ابنته البكر، والسيد في أمته.

وإنما يجوز عفو الولي إذا كان من أهل السداد، ولا يجوز عفوه إذا كان سفيها.

وفي قوله: وأن تعفوا أقرب للتقوى دليل على أن فعل المعروف والسخاء [ ص: 533 ] من التقوى، وهو في القريب آكد، إلا أن يرى نصف الصداق من حقه، وقد ندب إلى هبته كله، وإن جعلت العافي الزوج; فهو من ذلك; لأن عليه النصف وترك الكل، فافهم.

وقوله: وأن تعفوا أقرب للتقوى يعني: الذي بيده عقدة النكاح، والنساء الحائزات الأمور.

التالي السابق


الخدمات العلمية