التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
وقوله: قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى ؛ المعنى: (قول معروف أولى) ، ثم ابتدأ فقال: ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى أي: وفعل مغفرة; يعني: وفعل يؤدي إلى المغفرة، فحذف المضاف.

وقيل: المعنى: ومغفرة الله خير من صدقتكم التي تمنون بها.

والله غني حليم أي: يملك كل شيء، ويحلم بتأخير العقوبة عمن عصاه.

ومعنى لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس أي: [كإبطال الذي ينفق.

ماله رئاء الناس ]: صدقته بالرياء، والمراد به: المنافق; لأن الكافر لا يرائي.

وقيل: المراد به: الكافر الذي ينفق ماله ليقال: إنه كريم.

[ ص: 574 ] كمثل صفوان عليه تراب : (الصفوان) : الحجر الأملس، واحدته: صفوانة.

الكسائي : جمع {صفوان} : (صفي) ، وأنكره المبرد، وقال: إنما (صفي) جمع: (صفا) ؛ كـ (قفا وقفي) .

و(الوابل) : المطر العظيم، الشديد الوقع.

و(الصلد) : الأملس من الحجارة، فالمعنى: تركه لا شيء عليه، وهذا مثل ضربه الله تعالى لنفقة المنافق.

لا يقدرون على شيء مما كسبوا أي: لا يقدرون عليه عند حاجتهم إليه.

وقوله: وتثبيتا من أنفسهم أي: يتثبتون أين يضعونها، الشعبي : تصديقا ويقينا.

و(الربوة) : ما ارتفع من الأرض، عن ابن عباس، مجاهد : المرتفعة المستوية.

فآتت أكلها ضعفين أي: أضعفت في ثمرها.

قال قتادة : هذا مثل ضربه الله تعالى لعمل المؤمن; يقول: ليس لخيره خلف، كما ليس لخير هذه الجنة خلف، أصابها وابل أو طل.

و(الطل) : الندى في قول مجاهد، وقيل: المطر الدائم الصغير، ومعنى {فطل} : أي: فالطل يكفيها.

قوله: أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب الآية.

[ ص: 575 ] قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: هذا الرجل كان يعمل بطاعة الله فبعث الله إليه الشيطان، فعمل بالمعاصي، وأحرق الأعمال الصالحة.

ابن عباس : هذا مثل ضربه الله للمرائين بالأعمال يبطلها يوم القيامة أحوج ما كانوا إليها، كمثل رجل كانت له جنة، وله أطفال لا ينفعونه، فكبر، وأصاب الجنة إعصار; أي: ريح عاصف فيه نار; أي: سموم شديدة، فاحترقت، ففقدها أحوج ما كان إليها.

وعطف {وأصابه} على {أيود} على معنى: وقد أصابه.

وقال الحسن : إعصار فيه نار أي: ريح فيها برد شديد.

و(الإعصار) في اللغة: الريح الشديد التي تمد من الأرض إلى السماء كالعمود، وهي التي يقال لها: الزوبعة، وقيل لها: إعصار; لأنها تلتف التفاف الثوب في العصر.

وقوله: أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض قد تقدم في الأحكام.

الشيطان يعدكم الفقر أي: يخوفكم بالفقر; لئلا تنفقوا، ولتخرجوا الرديء من أموالكم في صدقاتكم.

ويأمركم بالفحشاء أي: بمعاصي الله عز وجل.

[ ص: 576 ] والله يعدكم مغفرة منه وفضلا أي: يجازيكم على الصدقات بمغفرة الذنوب والخلف.

واشتقاق {الفقر} من (الفقار) ، فكأن الفقير بمنزلة من كسر فقاره.

يؤتي الحكمة من يشاء : ابن عباس : {الحكمة} : المعرفة بالقرآن; ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله.

قتادة : الفهم.

الضحاك : القرآن.

مالك بن أنس : المعرفة بدين الله عز وجل، والفقه فيه، والاتباع له.

مجاهد : {الحكمة} : العقل، والفقه، والإصابة في القول.

الربيع بن أنس : الخشية.

وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر قال الزجاج : (النفقة) : الفرض، و(النذر) : التطوع، فإن الله يعلمه أي: يجازي عليه.

وقيل: المعنى: ما أنفقتم بغير نذر، أو بنذر عقدتموه على أنفسكم.

مجاهد : معنى {يعلمه} : يحصيه.

[ ص: 577 ] و(الهاء) في {يعلمه} تعود على الإنفاق، أو على النذر.

إن تبدوا الصدقات فنعما هي قال ابن عباس : يعني: التطوع، وصدقة التطوع في السر أفضل من العلانية بسبعين ضعفا، وصدقة الفريضة في العلانية أفضل من السر بخمسة وعشرين ضعفا، وعلى هذا القياس تجري جميع الفرائض والنوافل.

وقيل: المراد بذلك: الفرض والنافلة، وكان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ووجب إظهار الفرض اليوم; لأن الناس يسيئون الظن.

وقوله: ويكفر عنكم من سيئاتكم أي: نكفر عنكم منها بقدر صدقاتكم، وقيل: {من} زائدة.

التالي السابق


الخدمات العلمية