التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
[ ص: 586 ] الإعراب:

من أسكن الراء من ألم تر ؛ حذف الهمزة حذفا من غير إلقاء حركة; لأن الأصل: (ألم ترأ) ، وقد تقدم القول في حذف الهمزة، وسأذكره في الأصول إن شاء الله تعالى.

وقوله: {فيضاعفه له} : من رفع; عطف على {يقرض} ، أو على الاستئناف، كأنه قال: فهو يضاعفه، ومن نصب; فعلى الجواب بالفاء; على الحمل على المعنى دون اللفظ; لأن الاستفهام في اللفظ عن فاعل القرض ، لا عن القرض; لأن معنى: (من يقرض؟) كمعنى: من ذا الذي يقرض .

وقيل: إنما نصب; ليعطف مصدرا على مصدر; لأن معنى الآية: من يكن منه قرض؟ فلما كان معنى صدر الكلام المصدر; أضمر مع الفاء (أن) ؛ ليعطف مصدرا على مصدر، والفاء على هذا عاطفة للترتيب، على أصلها في باب العطف، فكأنه قال: من يكن منه قرض فيتبعه إضعاف؟والسين في: {ويبصط} و {بسطة} الأصل، وقلبت صادا; لمجاورتها الطاء، حسب ما تقدم في {الصراط} .

وقوله: ملكا نقاتل في سبيل الله : الجزم على جواب الطلب، ويجوز في [ ص: 587 ] الكلام الرفع على معنى: (ونحن نقاتل) ، ومن قرأ بالياء; فالرفع حسن أيضا على الصفة لـ (ملك) ، ولو كان في التلاوة (نقاتل معه) ؛ لحسن الرفع على الصفة، مع قراءة النون.

وفتح السين وكسرها من {عسيتم} لغتان، وذلك مع المضمر خاصة، وليس فيها مع الظاهر إلا الفتح.

و(أن) في قوله: ألا تقاتلوا نصب خبر (عسى) ، وهي وما بعدها مصدر لا يحسن اللفظ به بعد (عسى) ؛ لأن المصدر لا يدل على زمان محصل، و(عسى) تحتاج أن يؤتى بعدها بلفظ المستقبل.

وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله : موضع (أن) نصب على تقدير حذف (في) ، وهي عند الأخفش : زائدة.

[ ص: 588 ] {طالوت} و {جالوت} : لم ينصرفا للعجمة والتعريف، ولا يصح قول من قال: (إن طالوت من الطول، وجالوت من الجول، وإن كل واحد منهما «فعلوت»؛ إذ لو كانا كذلك; لانصرفا.

وإسكان الهاء وفتحها من (النهر) لغتان، والفتح عند الكوفيين مطرد، وقد تقدم القول فيه.

ومن ضم الغين من {غرفة} ؛ فعلى أنها اسم المغترف، وهو مفعول به يراد به: الماء، والباء في {بيده} متعلقة بالفعل، ولا تتعلق بـ {غرفة} إلا في قول من جعل (الغرفة) تعمل عمل المصدر، ومن فتح الغين; فهو مصدر، والمفعول محذوف، التقدير: (إلا من اغترف ماء غرفة) .

أبو عمرو : (الغرفة) : المصدر، و(الغرفة) : الاسم، قال: وما كان باليد فهو (غرفة) ، وما كان بإناء فالضم فيه أحسن.

الكسائي : لو كانت على تقدير: اغترف; لكانت: (اغترافة) ، فلما جاءت مخالفة للفعل، وجب أن تكون اسما; فتضم الغين.

{ولولا دفاع الله} : {دفاع} : مصدر (دافع دفاعا) ؛ مثل: قاتل قتالا، وهو [ ص: 589 ] مثل: (عاقبت اللص) ، ويحتمل أن يكون مصدر (دفع) ؛ مثل: كتب كتابا.

ومن قرأ: {دفع} ؛ فهو مصدر (دفع) .

ومن قرأ: {لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة} ؛ فهو على العموم; لنفي جميع هذه الأشياء المذكورة، والرفع على أن {لا} بمعنى (ليس) ، وهو في اللفظ كأنه للواحد، والمراد به: الجميع والعموم; فالقراءتان متقاربتان.

أن آتاه الله الملك : مفعول له.

إذ قال إبراهيم : موضع {إذ} نصب، والعامل فيه: ألم تر .

أنا أحيي وأميت : إثبات الألف من {أنا} في الوصل على حمل الوصل على الوقف; لأنها إنما زيدت في الوقف لبيان الحركة، فهي كهاء السكت، ومثله قوله: [من الوافر]

أنا سيف العشيرة فاعرفوني .....................

وإثباتها عند الهمزة حرصا على بيان الهمزة; لأن زيادة الألف في {أنا} توجب تقدير الوقف عليها، فتكون الهمزة في حكم المبتدأ بها، ولا تكون الهمزة [ ص: 590 ] المبتدأة إلا مخففة، وأيضا فإن الألف إذا حذفت قربت الهمزة من الهمزة; إذ ليس بينهما سوى النون، فكان ذلك قريبا من اجتماعهما، فإذا زيدت الألف; تباعد ما بينهما.

والحذف عند الهمزة المكسورة على الأصل، وهو جمع بين اللغتين.

فبهت الذي كفر : من قرأ: {فبهت} ؛ فمعناه: تناهى في الدهش والحيرة; لأن (فعل) من أبنية المبالغة، ومن قرأ: {فبهت} ؛ فهو مثل: (ذهل) و(عجز) ، على أن يكون غير متعد، وهو مسند إلى الذي كفر ، [ويجوز أن يكون متعديا; فيكون المعنى: (فبهت إبراهيم الذي كفر) ، فـ {الذي} : مفعول].

ويجوز أن يكون {الذي} فاعلا، والمفعول محذوف، التقدير: (فبهت الذي كفر إبراهيم) أي: أراد أن يبهته، كما قال: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم [المائدة: 6] يريد: إذا أردتم القيام.

والذي على قراءة الجماعة {فبهت} : اسم ما لم يسم فاعله.

[ ص: 591 ] أو كالذي مر على قرية : [موضع الكاف نصب على العطف على المعنى، كأنه قال: هل رأيت كالذي حاج إبراهيم، أو كالذي مر على قرية؟].

قال كم لبثت : {كم} : ظرف يسأل به عن قدر الزمان الذي لبثه المار على القرية في موته; فهي في موضع نصب.

{يتسنه} وصواحبه: من حذف هاء السكت في الوصل; فهو الأصل; لأنها للوقف، يبين بها الحركة، ومن أثبتها; حمل الوصل على الوقف، وقدر الوقف عليها، وتقدم القول في {يتسنه} .

وحذف الكسائي الهاء في {يتسنه} و {اقتده} [الأنعام: 90] خاصة; على وجه الجمع بين اللغتين، وكسر ابن عامر الهاء من {اقتده} ؛ على أنها ضمير المصدر، كأنه قال: (اقتد الاقتداء) .

وحذف الصلة على تقدير الياء التي كانت قبل الهاء; لأن سقوطها عارض، ولو كانت موجودة; لحذف الصلة معها، وإثبات الصلة على مراعاة اللفظ; لأن الهاء قبلها كسرة، والياء معدومة في اللفظ.

{ننشرها} : من (أنشر الله الميت) ؛ إذا أحياه، و {ننشرها} : من النشر [ ص: 592 ] الذي هو خلاف الطي، فالمعنى: (نصففها، ثم نكسوها لحما) ، أو يكون من قولهم: (نشر الميت، ونشرته) ، مثل: غاض الماء وغضته.

ومن قرأ: {ننشزها} بالزاي; فمعناه: (نرفع بعضها إلى بعض، ثم نكسوها لحما) ، من (النشوز) ، و(النشز) الذي أصله: الارتفاع.

قال أعلم أن الله على كل شيء قدير : من قرأ على الأمر; فعلى أنه أنزل نفسه منزلة الأجنبي فأمرها، والخبر على أنه لما شاهد ما شاهد; قال: أعلم أن الله على كل شيء قدير .

فصرهن إليك : الضم والكسر في الصاد لغتان، ويحتمل أن يكونا بمعنى: أملهن، أو بمعنى: قطعهن، وقد تقدم القول فيه في التفسير.

ومن قرأ: {فصرهن} ؛ فهو من (صر يصر) ، والراء مفتوحة لالتقاء الساكنين; لخفة الفتح، و (فعل يفعل) في المضاعف المتعدي قليل، وقد جاءت منه حروف; منها: نم الحديث ينمه وينمه، وعله بالماء يعله ويعله... في حروف سوى [ ص: 593 ] ذلك لا يقاس عليها.

ومن قرأ: {فصرهن} ؛ فهو على (فعل يفعل) ، وهو المعهود في المضاعف المتعدي، كـ (صب الماء يصب) ، وشبهه.

والقراءتان راجعتان إلى معنى: ضمهن واجمعهن.

ومن قرأ: فصرهن ؛ فهو من (صر) ؛ إذا حبس وقطع، ومنه: (المصراة) : المحبوسة اللبن، المقطوع في ضرعها عن الخروج، فهو راجع إلى معنى الضم والجمع.

وقوله: قول معروف : ابتداء موصوف، والخبر محذوف، وقد تقدم في التفسير.

وإسكان الفاء وفتحها من {صفوان} لغتان، وأكثر ما يأتي (فعلان) في الأوصاف; كـ (اللهبان) ، و (الصحران) ، في قولهم: (يوم لهبان وصحران) للشديد الحر، وفي المصادر; كـ (الغليان) ، وقد يأتي في الأسماء; كـ (الورشان) ، و(الكروان) .

[ ص: 594 ] و(ربوة) : بفتح الراء، وضمها، وكسرها، و {رباوة} لغات في المكان المرتفع.

ولا تيمموا الخبيث : أصله: (تيمموا) ، فمن خفف; حذف إحدى التاءين، ومن شدد; أدغم التاء في التاء، على إجراء المنفصل مجرى المتصل وإقامة الحرف الذي في آخر الكلمة التي قبلها مقام ما هو من الكلمة التي التاء فيها; لاتصاله بها، ولا يبتدأ بها مشدودة; لاستحالة الابتداء بالساكن.

[ومن قرأ: ولا تيمموا ؛ فهو من يممت، وهما بمعنى].

ومن قرأ: {تغمضوا} ؛ فمعناه: (إلا أن تأتوا غامضا من الأمر; لتطلبوا التأويل على أخذه) .

ومن قرأ: {تغمضوا} ؛ فهو منقول من (غمض هو) ، و(أغمضه غيره) ، ومعناه: (أنهم يوجدون قد غمضوا فيه) ، فهو من باب: (أفعلت الشيء) ؛ إذا [ ص: 595 ] وجدته كذلك، ويحتمل أن يكون كأن شدة رغبتهم صارت كأنها أكرهتهم على أخذه.

ومن قرأ: {تغمضوا} ؛ فالمعنى: تغمضون أعين بصائركم عن أخذه.

ومن قرأ: ومن يؤت الحكمة ؛ فالفاعل: اسم الله جل وعز، و {من} : مفعول أول، و {الحكمة} : مفعول ثان.

فنعما هي : من كسر النون والعين; احتمل أن يكون الأصل: (نعم) ، فأتبع العين النون، واحتمل أن يكون على لغة من قال: (نعم) ، فكسر العين; لالتقاء الساكنين.

ومن قرأ بفتح النون وكسر العين; احتمل أن يكون على لغة من قال:

[ ص: 596 ] (نعم) ، واحتمل أن يكون على لغة من خفف فقال: (نعم) ، فكسر العين; لالتقاء الساكنين.

ومن اختلس الكسرة; أراد التخفيف، ومن روى إسكان العين; فهو جمع بين الساكنين، وهو قليل شاذ، إنما يجيء في الشعر.

وفي (نعم) أربع لغات: نعم، ونعم، ونعم، ونعم.

و (ما) من {فنعما} : في موضع نصب على التفسير، وفي (نعم) ضمير {الصدقات} مرفوع بـ (نعم) ، وقوله: {هي} مبتدأة، وما قبلها الخبر، التقدير: (فنعم شيئا هي) ؛ أي: إبداؤها، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه، وأنثه لتعلقه بـ {الصدقات} ، كقوله: ( تلتقطه بعض السيارة )[يوسف: 10] فيمن قرأ بالتاء.

( ونكفر عنكم من سيئاتكم ) : الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، تقديره لمن قرأ بالنون: (ونحن نكفر) ، وبالياء: (والله يكفر) ، ويحتمل أن يكون مستأنفا منقطعا مما قبله.

ومن جزم; عطف على موضع: فهو خير لكم .

[ ص: 597 ] ومن قرأ بالتاء أراد: {الصدقات} .

ومن قرأ بالنصب; فوجهه: أن الجزاء يجب به الشيء لوجوب غيره، فأشبه الاستفهام، فنصب كما ينصب جواب الاستفهام.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية