التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله قال ابن عباس : هذه آخر آية نزلت من القرآن.

غيره: نزلت قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث ساعات.

وقيل: عاش عليه الصلاة والسلام بعد نزولها تسع ليال.

ومعنى واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله : يوم القيامة، وقيل: يوم موت الإنسان.

وقوله: آمن الرسول بما أنـزل إليه من ربه والمؤمنون روي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كتب الله كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، فأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان» .

كل آمن بالله أي: كلهم آمن بالله.

لا نفرق بين أحد من رسله أي: يقولون: لا نفرق بينهم، فنؤمن ببعض، ونكفر ببعض.

[ ص: 614 ] غفرانك ربنا : مصدر استغني به عن الفعل، والتقدير: اغفر لنا غفرانك، [وقدره بعضهم: نسألك غفرانك].

لا يكلف الله نفسا إلا وسعها أي: قدر طاقتها.

لها ما كسبت : من الخير، وعليها ما اكتسبت : من الشر، عن محمد بن كعب.

وقيل: معناه: لا يؤاخذ أحدا بذنب أحد.

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قيل: هو من النسيان الذي هو ضد الذكر، وقيل: معناه: الترك; فيكون المعنى: إن تركنا شيئا من أوامرك.

ومعنى {أخطأنا} : لم نتعمد الذنب، فإن تعمد الذنب; قيل: خطئنا.

وقيل: معنى {أخطأنا} : دخلنا في الخطيئة.

ولا تحمل علينا إصرا : (الإصر) : العهد، عن مجاهد .

ابن جبير : شدة العمل، نحو ما شدد على بني إسرائيل.

مالك : هو الأمر الغليظ.

أبو عبيدة : الثقل، وهذا أصله في اللغة، وإليه ترجع الأقوال المتقدمة.

ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به أي: ما لا نستطيعه إلا على مشقة، ولم يريدوا [ ص: 615 ] سؤاله ألا يكلفهم ما لا يطيقونه; لأن الله تعالى لا يكلف العباد ما لا يطيقون.

وأجاز الأشعري ومن قال بقوله جواز تكليف الله تعالى عباده الشيء في حال عدم قدرتهم عليه، واستدلوا بقوله: وكانوا لا يستطيعون سمعا [الكهف: 101]، وشبهه، فأخبر عنهم بعدم استطاعة القبول، وقد كلفهم إياه، وقالوا: فلو كان تكليف ما لا يطاق ظلما وجورا; كان هؤلاء الذين أحسن الله الثناء عليهم قد سألوه ألا يظلمهم، والله تعالى لا يثني على قوم يجيزون عليه مثل هذا.

وقوله: واعف عنا أي: امح ذنوبنا، و(العافية) : دروس البلاء، و(العافي) : الدارس الممحي.

واغفر لنا : غط ذنوبنا واسترها.

أنت مولانا أي: ولي نصرنا على أعدائنا.

وفيما أخبر به من الدعاء ههنا وجهان:

أحدهما: أن يكون تعليما للخلق كيف يدعون.

[ ص: 616 ] والثاني: أن يكون على إضمار القول، كأنه قال: يقولون كذا وكذا.

التالي السابق


الخدمات العلمية