التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
الإعراب:

يا أيها الناس (أي) : اسم مبهم، مفرد، منادى، و (ها) : تنبيه لازم لـ (أي) في النداء; لأن النداء موضع تنبيه، فلحقته (ها) كما تلحق (ذا) في غير النداء.

وقيل: لزمتها عوضا من الإضافة; إذ أصل (أي) أن تضاف إلى الاستفهام.

أبو علي : دخلت (ها) في نحو: (يا أيها الرجل) ؛ إيذانا بأن الرجل هو المقصود بالنداء، ودخلت (أي) حين لم يسغ دخول حرف النداء على ما فيه الألف واللام; من حيث كان يحدث تعريفا كما يكون باللام، فتوصل إلى نداء ما فيه الألف واللام بـ (أي) ، وأجري صفة على (أي) ؛ فـ {الناس} صفة لـ (أي) ، وهي في النداء لازمة.

[ ص: 192 ] الأخفش : الأقيس أن يكون {الناس} صلة لـ (أي) .

وأجمع النحويون على رفعه سوى المازني ; فإنه أجاز النصب، قياسا على جوازه في: (يا هذا الرجل) .

وقودها الناس والحجارة الوقود بالفتح -: الحطب، وبالضم: المصدر، والمعنى: ذوو وقودها الناس والحجارة.

أن لهم جنات موضع {أن} نصب بحذف الجار، وجر عند الخليل والكسائي بإضماره.

وأتوا به متشابها الضمير في (أتوا) على قراءة من فتح الهمزة والتاء: للخدام، وعلى قراءة الجماعة: لأهل الجنة، و {متشابها} : حال من الضمير في {به} .

{يستحيي} من قرأ بياء واحدة; حذف إحدى الياءين استخفافا، وهي [ ص: 193 ] لغة تميم، واسم الفاعل على هذه اللغة: (مستح) ، فالجميع: (مستحون) ، و (مستحين) ، وقراءة الجماعة على الأصل، وهو الأكثر في اللغة إذا كانت العين واللام حرفي علة أن تصح العين، وهي لغة أهل الحجاز وأكثر العرب، واسم الفاعل على هذه اللغة: (مستحيي) ، والجميع: (مستحيون) ، و (مستحيين) .

وموضع (أن) من أن يضرب مثلا نصب بتقدير حذف (من) ، ونصب {بعوضة} على أنها بدل من قوله: {مثلا} ، [ و (ما) صلة، أو على أنها نكرة في موضع نصب على البدل من قوله: {مثلا} ]، و {بعوضة} نعت لـ (ما) ، فوصفت (ما) بالجنس المنكر; لإبهامها، قاله الفراء، والزجاج، وثعلب.

وقيل: هو مفعول ثان، على أن يحمل على المعنى; لأن {يضرب} دخلها معنى (يجعل) .

وحكى الكوفيون: أنها نصب على تقدير إسقاط الجار، والمعنى: (أن يضرب مثلا ما بين بعوضة فما فوقها) ، وحكوا: (له عشرون ما ناقة فجملا) ، وأنكره المبرد وغيره.

[ ص: 194 ] ورفع {بعوضة} على أن (ما) بمعنى (الذي) ، و (هو) مضمرة، و {بعوضة} : خبر (هو) المضمرة، التقدير: (الذي هو بعوضة) .

فما فوقها إن جعلت (ما) الأولى اسما; فالثانية عطف عليها، وإن جعلتها زائدة; فـ (ما) الثانية عطف على {بعوضة}.

ماذا أراد الله بهذا مثلا يجوز أن يكون (ماذا) اسما واحدا للاستفهام في موضع نصب بـ {أراد} ، ويجوز أن يكون (ما) رفعا، و (ذا) بمعنى (الذي) ، وهي وصلتها خبر (ما) ، والعائد: محذوف، والتقدير: (ما ذا أراده الله) ، ولا تعمل {أراد} في (ما) على هذا الوجه; لأنه في صلة (الذي) ، ولا تعمل الصلة في الموصول، ولا فيما قبله، و {مثلا} منصوب على التفسير، وقيل: حال من (ذا) الذي في {بهذا} ، والعامل فيه معنى الإشارة.

ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل (يحتمل أن يكون موضع {أن} نصبا على معنى: لئلا يوصل، أو كراهة أن يوصل) ، أو على البدل من (ما) ، أو يكون جرا [ ص: 195 ] على البدل من الهاء في {به} .

كيف تكفرون بالله موضع {كيف} : نصب بـ {تكفرون} .

وكنتم أمواتا هذه الواو: واو الحال، و (قد) : مضمرة عند الزجاج والفراء، على ما تقدم.

{ترجعون} و {ترجعون} يرجعان إلى معنى واحد.

فسواهن سبع سماوات : {سبع} : بدل من (الهاء والنون) ، أو مفعول لـ (سوى) ؛ على تقدير: فسوى منهن سبع سماوات.

{وهو} : تحريك (الهاء) الأصل، والإسكان استخفاف، وكأن الفاء، واللام، والواو لما كانت لا يسكت عليها; صارت بمنزلة ما هو من الكلمة، فأشبهت (وهو) : (عضدا) ، (وهي) : (كتفا) .

[ ص: 196 ] ومن أسكن مع (ثم) ؛ فلشبه (ثم) بـ (الواو) في اجتماعهما في النسق.

ومن أسكن في يمل هو [البقرة: 282]; فعلى تشبيه المنفصل بالمتصل، كما أدغموا (يد داود) وهو منفصل، كما يدغمون (رد) ، وكما قال: [من السريع]:


فاليوم أشرب غير مستحقب إثما من الله ولا واغل

فأقام الراء والباء والغين مقام (عضد) .

ويسفك الدماء من نصب; فعلى جواب الاستفهام، ومن رفع; [ ص: 197 ] فعلى العطف على {يفسد} .

{هؤلاء} الهمزة عند أبي علي لام الفعل، ففاؤه ولامه: همزة، وهي عند المبرد مبدلة من الياء التي كانت في (الذي) ، والتي لما وقعت بعد الألف; قلبت همزة.

إن كنتم صادقين الجواب عند المبرد محذوف; أي: إن كنتم صادقين أن بني آدم يفسدون في الأرض; فأنبئوني.

قالوا سبحانك [انتصب {سبحانك} ] على المصدر، وهو يؤدي عن: (نسبحك تسبيحا) .

الفراء : فتح; لأن تأويله الإضافة، فطلب الكاف ففتح.

وأعلم ما تبدون يجوز أن ينتصب {ما} بـ {أعلم} على أنه فعل، ويجوز [ ص: 198 ] أن يكون بمعنى: «عالم» ، [ويجوز أن يكون {ما} جرا بالإضافة، ويجوز أن يقدر التنوين في {أعلم} إذا قدرته بمعنى: «عالم» ]، وتنصب {ما} به; مثل قولك: (حواج بيت الله) .

قوله: للملائكة اسجدوا ضم التاء ضعيف، ووجهه على ضعفه: الإتباع، فغيرت حركة الإعراب بحركة البناء استثقالا; للخروج من كسر إلى ضم، [ ص: 199 ] ونظيره: {الحمد لله} ، فيمن كسر الدال، وقد تقدم القول فيه.

فسجدوا إلا إبليس استثناء: إما منقطع، وإما متصل، على ما تقدم من أقوال المفسرين فيه، وقد تقدم القول في امتناع صرفه وصرف آدم، واشتقاقهما.

وقوله: وكلا منها رغدا القول في إسكان الغين كالقول في إسكان الراء من {مرض} .

فتكونا من الظالمين يجوز أن يكون {فتكونا} منصوبا على جواب النهي، أو مجزوما على العطف على {تقربا} .

هذه الشجرة من قرأ: {هذي الشجرة} ؛ فهو الأصل، والهاء في {هذه} بدل من ياء; ولذلك انكسر ما قبلها، وليس في الكلام هاء تأنيث قبلها كسرة سواها; وذلك لأن أصلها الياء.

فأزلهما الشيطان عنها قد تقدم القول في معنى (أزلهما) ، و (أزالهما) .

وقلنا اهبطوا ضم الباء لغة، يقويها أنه غير متعد، والأكثر في غير المتعدي [ ص: 200 ] أن يأتي على (يفعل) .

فتلقى آدم من ربه كلمات القراءتان ترجعان إلى معنى; لأن آدم إذا تلقى الكلمات; فقد تلقته.

فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم من كسر (إن) ؛ فعلى الاستئناف، ومن فتح; فعلى معنى (لأنه) .

فإما يأتينكم مني هدى (إما) : هي (إن) التي للشرط، زيدت عليها (ما) للتأكيد; ليصح دخول النون للتأكيد في الفعل، ولو سقطت لم تدخل النون; لأنها لا تدخل في الواجب، إلا في القسم، أو ما يشبهه; كالاستفهام، والأمر، والنهي، من حيث كان ذلك مما تشتد الحاجة إلى التوكيد فيه، فـ (ما) تؤكد أول الكلام، والنون تؤكد آخره، والفعل مع النون مبني، وما قبلها مفتوح; لالتقاء الساكنين أو البناء.

وجواب الجزاء في الفاء مع الشرط الثاني; وهو قوله: فمن تبع هداي ، وجواب الشرط الثاني: فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون .

[ ص: 201 ] ومن رفع فلا خوف عليهم ؛ فلأن الثاني معرفة، ولا يكون فيه إلا الرفع، فاختار في الأول الرفع; ليكون الكلام من وجه واحد، ومن نصب; فلما في النصب من عموم النفي لجميع الخوف على ترك مراعاة المعطوف.

التالي السابق


الخدمات العلمية