التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
يا بني إسرائيل : من ترك همز {إسرائيل} على وجه تخفيف الهمزة.

أوف بعهدكم : {أوف} و {أوف} متقاربان، وفي التشديد معنى التكثير، فكأنه قال: أوفوا بعهدي أبالغ في توفيتكم، فضمن عز وجل أن يعطي الكثير عن القليل، كما قال تعالى: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها [الأنعام: 160].

وإياي فارهبون إياي} : منصوب بإضمار فعل مقدر بعده، التقدير: (وإياي ارهبوا فارهبون) ، وكان النصب أولى; لأنه أمر، ويجوز في الكلام: (وأنا [ ص: 202 ] فارهبون) على الابتداء والخبر، وكون {فارهبون} [الخبر; على تقدير الحذف]، كأن المعنى: (وأنا ربكم فارهبون) .

مصدقا لما معكم حال من الهاء المحذوفة، التقدير: بما أنزلته مصدقا، فالعامل فيه {أنـزلت} ، ويجوز أن يكون حالا من (ما) ، والعامل فيه {آمنوا} ، التقدير: آمنوا بالقرآن مصدقا.

ولا تكونوا أول كافر به أول} : عند سيبويه : اسم لم ينطق منه بفعل، وفاؤه وعينه واوان، فلم يستعمل منه فعل; لاجتماع الواوات.

وهو عند الكوفيين (أفعل) من (وأل) ؛ إذا لجأ، وخففت بالبدل والإدغام.

وقيل: هو (أفعل) من (آل يؤول) ، فأصله: (أأول) ، ثم قلب، فهو على [ ص: 203 ] هذا (أعفل) مقلوب من (أفعل) .

أبو علي : لو كان كذلك; لجاز فيه التحقيق; كما جاز في {سوءة} [المائدة: 31]; لأن هذا النحو لم يأت ملزما البدل، ولو كان من (وأل) ؛ لجاز تصحيح الفاء من (وؤلى) ، وألا تقلب همزة; لأن العين إذا كانت همزة فخففت; لم تلزم الواو، فصار مثل: {ووري} [الأعراف: 20]، ففي إلزامهم الفاء البدل دليل على أنها واو أبدلت; كما أبدلت في: (وقتك الأواقي) .

ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا أصل (آية) عند الخليل وسيبويه : (أيية) ، أعلت العين، والأصل أن تعل اللام وتسلم العين، وهي عند الكسائي: (آيية) ؛ مثل: فاعلة، حذفت الياء الأولى; لئلا يلزم فيه من الإدغام ما يلزم في (دابة) ، فيثقل، وهي عند الفراء : (أيية) : (فعلة) ، أبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف، [ ص: 204 ] كما أبدلوها في (ديوان) و (قيراط) .

بعض الكوفيين: هي (فعلة) ، (أيية) ، استثقل التضعيف، فقلبت الياء الأولى ألفا; لانكسارها وتحرك ما قبلها.

اعترض أبو علي قول الكسائي بأن قال: لا يخلو أن يكون المحذوف العين أو اللام، ولا يسهل أن تكون العين; لأنها تجري في هذا القبيل مجرى الصحيح، ألا تراها تجري كذلك في باب (عييت) ، و(حييت) ، ولا يجوز حذفها من حيث جاز إعلالها في قول الخليل ; لأن الإعلال يجوز في أشياء لا يجوز فيها الحذف، والإعلال يجري على اطراد، وليس الحذف كذلك، لا سيما في العينات; لأن الحذف فيه قليل جدا، ولا يكون المحذوف اللام; لأنها لم تحذف على هذا الحد، ولا يقاس على ما قاله الخليل من قولهم: (ما باليت به بالة) ؛ لأنه شاذ مع أن الحذف قد جرى في فعل (بالة) ، فجرى المصدر مجرى الفعل.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية