التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
وقوله: لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه يعني: من أول يوم من الأيام، إذا ميزت يوما يوما، وليس (أفعل) بعضا لما يضاف إليه هنا.

وقيل: إن {من} بمعنى: (منذ) ؛ فالمعنى: منذ أول يوم ابتدئ ببنائه، وقيل: المعنى: من تأسيس أول الأيام.

و (المسجد) في قول ابن عمر، وزيد بن ثابت، وغيرهما: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول أبي سعيد الخدري، وأبي بن كعب، وروياه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في قول ابن عباس، والحسن، وغيرهما: مسجد قباء.

[ ص: 298 ] وقوله تعالى: فيه رجال يحبون أن يتطهروا : روي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا معشر الأنصار؛ إن الله عز وجل أحسن الثناء عليكم، فكيف طهوركم؟"، فقالوا: نستنجي بالماء.

ومن قال: إن المسجد يراد به: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالهاء في أحق أن تقوم فيه ، وفي فيه رجال : له، وهي على القول الآخر لمسجد قباء.

وروي عن الشعبي، وشهر بن حوشب: أن الهاء في أحق أن تقوم فيه : لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والهاء في فيه رجال : لمسجد قباء.

ويروى: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتحريق مسجد الضرار) .

وقوله تعالى: أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير : الألف للاستفهام، وهو بمعنى الإنكار.

وقوله: على شفا جرف هار : (الشفا) : الحرف، والحد، و (الجرف) : ما جرفه السيل وحفره، وقوله: {هار} يعني: متهدما ساقطا، وأصله: (هائر) ، أو (هاور) ؛ فقلب، وقد ذكرته في الإمالة في آخر الكتاب.

وهذا مثل لبناء مسجد الضرار؛ والمعنى: أن بناء هذا المسجد على غير تقوى [ ص: 299 ] للضرار؛ كبناء بني على حرف جهنم، يتهور بأهله فيها.

التالي السابق


الخدمات العلمية